18دعوت إلاّ لإخواني، وذلك أنّ أبا الحسن موسى (ع) أخبرني أنّ «من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف مثله» ، فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا. 1قرب الله من عباده
للحج مواقف ومناسك، كل واحدة منها تحمل خصوصية لا تحويها التالية، أو تحوي قدراً بسيطاً منها، من هنا وبقرينة الحديث النبوي الشريف: «الحج عرفة» 2، ليس من البعيد أن تظهر في عرفات معرفة لا تتحقق في أي مكان آخر، فالحج سبب لتعالي الإنسان، ونيله أعلى قمم عالم الإمكان، أي «الخلق العظيم» ببركة هذه المعرفة الخاصة التي لا تتحقق إلاّ في عرفات.
فليوم عرفة وأرض عرفات مقام خاص ليس ميسّراً إلاّ بأن يحقق الحاج خصائص الأزمنة والأمكنة الأخرى في الحج ليكون مهيئاً لإدراك الدعاء، وبذلك تتعلّق الروح بعزّ العرش الإلهي، فتصل إلى معدن العظيم وتصبح عظيمةً. 3إنّ لقرب الله تعالى من عباده مراتب ودرجات، حيث يمكن الوصول إلى المرحلة اللاحقة بطيّ ما قبلها، وخصوصية ذلك منحه شعاعاً جديداً من التضرّع، وانجذاباً مستحدثاً للدعاء، إنّ هذه المراتب بعضها أقرب من الآخر، وهي بناءاً على الآيات القرانية كالتالي:
1. وقفاً للآية الشريفة: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ 4إنّ القرب الإلهي بلغ أنّ الله تعالى في هذه الآية لم يقل لنبيه: فقل لهم، بل بادر هو إلى الجواب بشكل مباشر، مذكّراً بقربه من عباده.
2. إنّ الله قريب من المحتضر المشرف على الموت أكثر من قرب أقربائه ولكن الناس لاترى ذلك، قال تعالى: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ . 53. قال تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِْنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ 6، فهو أقرب من الإنسان من شريان حياته.
4. إنّ الله تعالى أقرب إلى الإنسان من نفسه؛ إن فهم هذه المرحلة فهماً صحيحاً وكذلك فهم الكلام النيّر لأميرالمومنين (ع) : «هو في السماء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة» 7، إنما يسهل ذلك في