88وكان في حفظه القرآن وترتيله وفهم آياته من المتفوقين، قال له رسولالله (ص) : «يا أبي بن كعب، إني أمرت أن أعرض عليك القرآن» .
وأبي يعلم أن رسول الله (ص) انما يتلقى أوامره من الوحي، هنالك سأل الرسول الكريم في نشوة غامرة: «يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، وهل ذكرت لك باسمي؟» .
فأجاب الرسول (ص) : نعم، باسمك ونسبك في الملإ الأعلى. .
وكان حرياً2 أن يؤمر الرسول (ص) بعرض القرآن عليه، وفي هذا يقول أبي: قال رسول الله (ص) : إني أمرت أن أعرض عليك القرآن.
فقال أبي: بالله آمنت وعلى يديك أسلمت ومنك تعلمت.
قال: فرد الرسول (ص) القول.
فقال: يا رسول الله وذكرت هناك؟
قال: نعم بإسمك ونسبك في الملإ الأعلى.
قال: اقرأ إذًا يا رسول الله. (4)
ولما سئل2: فرحت بذلك؟
قال: وما يمنعني وهو تعالى يقول:
قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا (5)
ولقد كان فقه أبي بالقرآن يظهر على لسانه، ومن ذلك أن رسولالله9 سأله يوماً عن أي آية في القرآن أعظم؟
فقال أبي: اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ (6)
فضرب النبي (ص) على صدره، وقال: ليهنك العلم أبا المنْذر. (7)
ولم يكن بالمستغرب كذلك أن يأمر النبي9 بأخذ القرآن عنه فإنه جدير بهذه المنزلة، ولم لا؟ وهو من أمر النبي9 أن يقرأ عليه القرآن وفي الحديث: «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب» . (8)
وكيف لا يكون الأمر كذلك؟ وهو أقرأ هذه الأمة بالقرآن بنص حديث رسول الله (ص) حيث نسب إليه (ص) أنه قال: . . . وأقرؤهم أبي بن كعب. كما رواه الترمذي، فقد كان هذا الصحابي الجليل أقرأ الناس إلى جانب كونه طيب الصوت حسن الأداء.
أبيّ كاتباً
كان أبي بن كعب في مقدمة الذين يكتبون الوحي ويكتبون الرسائل،
كان هناك عدد من الصحابة ممن وفقوا لأن يكونوا ممن يكتبون لرسولالله (ص) ما ينزل إليه من السماء عن طريق الوحي، ويكتبون رسائله إلى من يريد، وما يمليه من أجوبة عن رسائل ترد إليه، وما يبرمه من عهود ومواثيق. . وكان من هؤلاء أبي بن كعب، بل هو في مقدمة الذين يكتبون الوحي ويكتبون الرسائل.
تقول الرواية: وكان أبي بن كعب يكتب في الجاهلية قبل الإسلام. وكانت الكتابة في العرب قليلة، وكان يكتب في الإسلام الوحي لرسول الله (ص) .
قال ابن أبي خيثمة: هو أول من كتب الوحي بين يدي رسول الله (ص) كان سيداً جليل القدر، ورأساً في العلم والعمل.
وقيل أول من كتب لرسول الله (ص) أبي بن كعب، وكان إذا غاب أبي كتب له زيد بن ثابت. (9)
قال الواقدي: وهو أول من كتب للنبي (ص) وأول من كتب في آخر الكتاب: وكتب فلان بن فلان. .