75واختلف في جواب القسم فقيل: هَلْ فِى ذلِكَ قَسَمٌ لِذِى حِجْرٍ وقيل: هي للتقرير كقولك: ألم أنعم عليك إذا كنت قد أنعمت، والجواب على هذا محذوف مضمر وتقديره: لنجازين كل أحد بما عمل، وقدّره الزمخشري: لتعذبن وقيل: الجواب مذكور وهو إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ . .
وفي مجمع البيان للشيخ الطبرسي: جواب القسم إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ وقيل: جوابه محذوف تقديره ليقبضن على كل ظالم أو لينتصفن كل مظلوم من ظالمه. .
وفي الدر المصون قوله: وَلْفَجْر : جوابُ هذا القَسَم قيل: مذكورٌ وهو قولُه: إِنَّ رَبَّكَ لَبِلْمِرْصَادِ
قاله ابن الأنباري.
وقيل: محذوفٌ لدلالةِ المعنى عليه، أي: لَنُجازِيَنَّ أحدٍاً بما عَمل؛ بدليلِ تعديدِه ما فعلَ بالقرونِ الخاليةِ. وقدَّر الزمخشري: ليُعَذِّبَنَّ قال: يَدُلُّ عليه أَلَمْ تَرَ (20) إلى قولِه: فَصَبَّ (21)
وقدَّر بما دَلَّتْ عليه خاتمةُ السورةِ قبلَه سورة الغاشية: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ لإِيابُهم إلينا وحِسابُهم علينا. (22)
وعشر نعت لليال.
الفجر: من الفعل فجر. . وهو انكشاف ظلمة الليل عن نور الصبح وهما فجران: أحدهما المستطيل وهو الكاذب، والآخر المستطير المنتشر في الأفق وهو الصادق. (23)
وفي مجمع البيان في تفسير القرآن، الآية، قال الشيخ الطبرسي في اللغة: الفجر شق عمود الصبح فجره الله لعباده فجراً إذا أظهره في أفق المشرق مبشراً بإدبار الليل المظلم وإقبال النهار المضيء. وهما فجران: أحدهما الفجر المستطيل وهو الذي يصعد طولاً كذنب السرحان ولا حكم له في الشرع. والآخر هو المستطير المنتشر في أفق السماء وهو الذي يحرم عنده الأكل والشرب لمن أراد أن يصوم في شهر رمضان وهو ابتداء اليوم.
ولصاحب تفسير البحر المحيط أبي حيان كلام في تنكير ليال:
فإن قلت: فما بالها منكرة من بين ما أقسم به؟ قلت: لأنها ليال مخصوصة من بين جنس الليالي العشر، بعض منها أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها.
فإن قلت: فهلا عرفت بلام العهد لأنها ليال معلومة معهودة؟ قلت: لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير، ولأن الأحسن أن تكون اللامات متجانسة ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية، انتهى.
وعن كتاب مسائل الرازي من غرائب آي التنزيل يقول:
فإن قيل: كيف نكر الليالي العشر دون سائر ما أقسم به، وهلا عرفها بلام العهد وهي ليالي معلومة معهودة، فإنها ليالي عشر ذي الحجة في قول الجمهور؟
قلنا: لأنها مخصوصة من بين جنس الليالي العشر بفضيلة ليست لغيرها، فلم يجمع بينها وبين غيرها بلام الجنس، وإنما لم تعرف بلام العهد لأن التنكير أدل على التفخيم والتعظيم بدليل قوله تعالى: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ونظيره قوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ فعرفه ثم قال وَوالد فنكّره، والمراد به آدم وإبراهيم أو محمد (ص) ، ولأن الأحسن أن تكون اللامات كلها متجانسة، ليكون الكلام أبعد عن الألغاز والتعمية، وهي في الباقي للجنس.
انتهى ما قاله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي في سورة الفجر.