74حادي عشر: وتحظى بفضلها من يوم النحر وهو أعظم أيام السنة عند بعض العلماء، قال رسول الله (ص) :
«أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر، ويوم القر هو اليوم الذي يلي يوم النحر؛ لأن الناس يقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من الطواف والنحر واستراحوا» . (16)
وعن الإمام الصادق (ع) : «ما من عمل أفضل يوم النحر من دم مسفوك، أو مشي في بر الوالدين أو ذي رحم قاطع يأخذ عليه بالفضل ويبدأه بالسلام، أو رجل أطعم من صالح نسكه ثم دعا إلى بقيته جيرانه من اليتامى وأهل المسكنة والمملوك وتعاهد الأسراء» .
«يغفر لصاحب الأضحية عند أول قطرة تقطر من دمها» .
والأضحية شكر لنعمة الله تعالى، وإحياء لسنة خليله إبراهيم (ع) . وفيها تذكر معاني الصبر، وتقديم محبة الله تعالى على شهوة النفس، وفيها توسعة على الأهل والجار والفقير.
فإن كنت ممن وسع الله في رزقه فاحرص على الأضحية. فقد ورد ذلك في الكتاب والسنة، قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ) (17) ، المعنى صلِّ العيد وانحر البدن، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله (ص) ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر.
ثاني عشر: كونها أي لَيالٍ عَشْر هي التي - كما عليه بعض المفسرين - أعطاها الله تعالى لنبيه موسى (ع) وهي عشر ذي الحجة ليتم الميقات كما جاء بالآية المباركة:
وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (18)
وفي اليوم العاشر منها يؤدي المسلمون صلاة عيد الأضحى وأنها من ضمن ما تؤشر إليه هذه الصلاة أنها تعبير عن شكر الإنسان المؤمن لما أنعم الله تعالى عليه في هذه الأيام المباركة من الطاعة، ويسأل فيه الله تعالى أن يقبل أعماله وأن يثيبه وأن يجنبه كل سوء. . فهو يوم شكر ورجاء. . وأخيراً ينبغي على هذا المسلم أن يحرص حرصاً شديداً ويعزم عزماً جاداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:
(وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (19)
بعد أن تعرضنا لما أودع الله تعالى في هذه الأيام من فضائل ومن أجر وخير وثواب، نبدأ الكلام عن الآيتين المباركتين والأقوال المختلفة فيها وما تحملانه وما قيل فيهما:
الآيتان إعراباً ولغةً وقراءةً:
الواو: حرف قسم وجر، والفجر مجرور بواو القسم، والجار والمجرور متعلقان بأقسم، والواو حرف عطف، وليال عطف على الفجر مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين. وقد أشار ابن مالك إلى هذه القاعدة الهامة بقوله:
وكن لجمع مشبه مفاعلا