16ذكر ما يشيع في القسم المدني من خصائص عامة:
طول السورة والآية وإطنابها.
تفصيل البراهين والأدلة على الحقائق الدينية .
مجادلة أهل الكتاب ودعوتهم إلى عدم الغلو في دينهم.
التحدث عن المنافقين ومشاكلهم.
التفصيل لأحكام الحدود والفرائض والحقوق والقوانين السياسية والاجتماعية والدولية.
موقف السيد الصدر من خصائص السور المكّية والمدنية
قال السيد الصدر: وما من ريب في أن هذه المقاييس المستمدة من تلك الخصائص العامة تلقي ضوءاً على الموضوع، وقد تؤدي إلى ترجيح لأحد الاحتمالين على الآخر في السور التي لم يرد نص بأنها مكية أو مدنية؛ فإذا كانت إحدى هذه السور تتفق مثلاً مع السور في أسلوبها وإيجازها وتجانسها الصوتي وتنديدها بالمشركين وتسفيه أحلامهم، فالأرجح أن تكون سورةً مكية لاشتمالها على هذه الخصائص العامة للسورة المكية.
ولكن الاعتماد على تلك المقاييس إنما يجوز إذا أدت إلى العلم ولا يجوز الأخذ بها لمجرد الظن، ففي المثال المتقدم حين نجد سورةً تتفق مع السور المكية في أسلوبها وإيجازها لا نستطيع أن نقول بأنها مكية لأجل ذلك، إذ من الممكن أن تنزل سورة مدنية وهي تحمل بعض خصائص الأسلوب الشائع في القسم المكي، صحيح أنه يغلب على الظن أن السورة مكية لقصرها وإيجازها ولكن الأخذ بالظن لا يجوز لأنه قول من دون علم.
وأما إذا أدت تلك المقاييس إلى الاطمئنان والتأكد من تاريخ السورة وأنها مكية أو مدنية فلا بأس بالاعتماد عليها عند ذاك، ومثاله النصوص القرآنية التي تشتمل على تشريعات للحرب والدولة مثلاً؛ فإن هذه الخصيصة الموضوعية تدل على أن النص مدني؛ لأن طبيعة الدعوة في المرحلة الأولى التي عاشتها قبل الهجرة لا تنسجم إطلاقاً مع التشريعات الدولية، فنعرف من أجل هذا أن النص مدني نزل في المرحلة الثانية من الدعوة، أي في عصر الدولة 1.
شبهات
هناك شبهات أثيرت حول المكي والمدني لأغراض سيئة ومقاصد خبيثة الغرض منها النيل من القرآن الكريم بل من الدين الإسلامي كله عبر اتهام القرآن بأنه من صنع بشري وكتب بيد بشرية هي يد محمد بن عبد الله(ص) ولهذا ترى أسلوبه وما يتصف به من صفات، يتغير وفقاً للظروف والأحوال والواقع الذي عاشه محمد(ص) في مكة ثم في المدينة..
فشأن المكي والمدني شأن العديد من مواضيع الإسلام وأموره، عقيدةً وحوادث وأقوالاً وأحاديث، التي تعرضت للشبهات من قبل أعداء الإسلام، ونحن نتعرض لبعض ما تعرض له هذان القسمان من علوم القرآن من شبهات وباختصار شديد:
أولاً: إن الأسلوب القرآني المكي يتصف بالوعد والوعيد، بالشدة والتهديد..، بينما يتصف الأسلوب القرآني المدني بالسماحة والعفو والليونة...
إذا كان الأمر كما يقولون، إذاً بماذا يصفون هذه الآيات في سورة البقرة وهي مدنية:
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النّٰارَ الَّتِي وَقُودُهَا النّٰاسُ وَ الْحِجٰارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكٰافِرِينَ
2
.
وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمْ لاٰ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قٰالُوا إِنَّمٰا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلاٰ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لٰكِنْ لاٰ يَشْعُرُونَ * وَ إِذٰا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمٰا آمَنَ النّٰاسُ قٰالُوا أَ نُؤْمِنُ كَمٰا آمَنَ السُّفَهٰاءُ أَلاٰ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهٰاءُ وَ لٰكِنْ لاٰ يَعْلَمُونَ * وَ إِذٰا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قٰالُوا آمَنّٰا وَ إِذٰا خَلَوْا إِلىٰ شَيٰاطِينِهِمْ قٰالُوا إِنّٰا مَعَكُمْ إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيٰانِهِمْ يَعْمَهُونَ
3
.
وَ ذَرُوا مٰا بَقِيَ مِنَ الرِّبٰا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ ...
4
.
وفي سورة آل عمران وهي مدنية :
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوٰالُهُمْ وَ لاٰ أَوْلاٰدُهُمْ مِنَ اللّٰهِ شَيْئاً وَ أُولٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النّٰارِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيٰاتِنٰا فَأَخَذَهُمُ اللّٰهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ اللّٰهُ شَدِيدُ الْعِقٰابِ * قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِلىٰ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهٰادُ
5
.
وفي سورة النساء وهي مدنية: