612 - ومنها: الحديث المتواتر بين الفريقين من قول رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لما حضرته الوفاة: إيتوني بدوات وكتف لأكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعدي أبداً 1.
ولولا ذكر الدوات والكتف لاحتمل أن يكون المراد بالكتابة الفرض والتقدير أو الجعل والتشريع كما في قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ» وقوله تعالى: «إِنَّ الصَّلاٰةَ كٰانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً» ؛ إلّاأنّه بعد طلب الدوات والكتف ينتفي هذا الاحتمال رأساً.
واحتمال كون المراد من ذلك مباشرة غيره صلى الله عليه و آله الكتابة ولكنّها بأمره ربّما لا يساعده ظاهر الكلام، حيث إن المفهوم منه هو مباشرته صلى الله عليه و آله للكتابة.
ثمّ إن هذه الرواية لا تدلّ على مجرد قدرته صلى الله عليه و آله على الكتابة، بل تدل على عدم كون ذلك أمراً غير معهود لدى الصحابة حيث لم ينقل استغرابهم لما أراده صلى الله عليه و آله من الكتابة عند وفاته، ولا عدّ ذلك من جملة خوارق العادة والمعجزات؛ ولا أن من ذكر الحديث في عداد أدلّة الإمامة خطر بباله سوى مباشرة النبي صلى الله عليه و آله للكتابة، وإن كان هذا الأمر قد يخطر بالبال في باب ذكر الحديث في مسألة كون النّبي صلى الله عليه و آله أمّياً أو لا.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه الرواية تصلح دليلاً لقدرته صلى الله عليه و آله على الكتابة حتى لو لم يثبت سندها - مع أن صدورها قطعيّ - والسرّ في ذلك أنّه لو كان المعهود منه صلى الله عليه و آله الأمّية الأبجديّة بعد كون اتصافه صلى الله عليه و آله بالأمّية أمراً قطعياً حسبما دلّ عليه الكتاب وغيره كان جعل الحديث بمضمون واضح الكذب غير معقول بعد كون المقصود بالحكاية أمراً آخر يستلزم أمراً كذباً. فإن المقصود الأصيل بالحكاية هو ما يدلّ على نصب الإمام والمدلول بالتبع هو عدم الأمّية الأبجديّة فتأمل جيّداً، فإنه حريّ بذلك، وله آثار في الروايات وتطبيقات في الآثار. ولذا كان إثبات اللغات بالروايات الضعيفة أمراً جايزاً لكون المقصود بالأصالة في الحديث والخبر