49وقد يستدل لاحتمال عدم أمّيته صلى الله عليه و آله قبل البعثة بأمور، كقوله تعالى: «وَ قٰالُوا أَسٰاطِيرُ اْلأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهٰا فَهِيَ تُمْلىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً» 1. وقوله تعالى: (وَ لِيَقُولُوا دَرَسْتَ» 2.
فإنه لو كانت أمّية النبي صلى الله عليه و آله أمراً مسلماً لم يكن هناك مجال لاتهامه بما في الآيتين.
وردّ على ذلك: أوّلاً: بأن الاكتتاب أعم من مباشرة الكتابة. وثانياً: إنّه لا حدّ للمكابرة والعصبيّة.
وأمّا البحث في المقام الثاني، أعني ما بعد البعثة وأنّه كان أمّياً أبجدياً في هذا المقطع من عمره الشريف أو لا؟
المعروف على الألسن، بل ومال إليه بعض العلماء من الفريقين، أن النبي صلى الله عليه و آله كان بعد البعثة أيضاً أمّياً أبجدياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة إلى آخر حياته صلى الله عليه و آله، وربّما ادعي على ذلك الإجماع في بعض الكلمات.
ولكن الإجماع لو كان لا اعتبار به في مثل هذه المسألة التي هي عقائديّة كالمسائل العقلية، مع أنّه لا إجماع في البين بعد تصريح جمع من العلماء بخلاف ذلك.
وكيف كان فقد صرح بالخلاف جمع أو نسب الخلاف إليهم وربّما نسب إلى بعضهم التفصيل بين القراءة فأثبتوها والكتابة فأنكروها. وقد لا ينافي هذا القول تمكّنه صلى الله عليه و آله من الكتابة. وتوقف السيد المرتضى في المسألة حسبما حكاه العلّامة المجلسي واحتمل زوال الأمية الأبجدية عنه صلى الله عليه و آله بعد البعثة وإن نسب إليه في بعض الكلمات غير ذلك سهواً. وممّن صرح بنفي الأمية عنه صلى الله عليه و آله هو العلامة المجلسي فإنّه بعد أن أشار إلى بعض النصوص الّتي ربّما تنافي ذلك وأوَّلَها قال: وكيف لا يعلم من كان عالماً بعلوم الأوّلين والآخرين أن هذه النقوش موضوعة لهذه الحروف؟ ! 3.
أقول: وهذا القول عندي هو الحقّ الحقيق بالقبول.