294ويعرض نفسه على القبائل أيام الموسم ويسألهم النصرة. وقد حفظ النبي صلى الله عليه و آله للمطعم ما كان منه، وقال في أسرى بدر من المشركين كما روي عنه صلى الله عليه و آله: لو كان المطعم حياً وكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له 1.
وكان بوسع الرجل أن يردّ جوار من أجاره، ولكن المجير كان يفضّل أن يفعل ذلك المستجير علانية كما في قصّة رد عثمان بن مظعون لجوار الوليد 2.
وكانت النخوة والنجدة متأصّلة فيهم لاسيّما ضمن أفراد القبيلة الواحدة والتي يمكن أن يعبّر عنها بالعصبيّة القبليّة 3؛ لذلك كانت هذه موضع تفاخر في شعر تلك الفترة حتى قال شاعرهم:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهان 4
وقول الآخر:
إذا استُنجدوا لم يسألوا من دعاهم
إلى أيّ حيٍّ أم بأيّ مكانِ 5
أما الكرم، فكان من دواعي الفخر عندهم، وقد بلغ فيه البعض أسمى المنازل، ويكفي ذكر حاتم الطائي وكرمه الذي ذاع في الأقطار. . حتى أن النبي صلى الله عليه و آله مدح هذه الخصلة فيه عندما حدّثته سفانة ابنة حاتم عن أبيها، وما كان فيه من الصفات، فقال لها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: يا جارية! هذه صفة المؤمن، لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، خلّوا عنها! فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، واللّٰه يحب