291عظائم الآثام، التي تودي بمقترفها في أسفل درك الجحيم، وعلى رأس تلك الآثام الشرك الذي ليس بعده ذنب، لذا وُصف في محكم الكتاب بقوله تعالى: «إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» 1، ولكن وبالرغم مما كان فيه القوم، فقد كان البعض منهم يتحلّى بأصناف من الفضائل والصفات الحميدة، كالكرم والشجاعة والنخوة وحفظ العهود وغيرها من جميل الصفات؛ ولا يغيب عنا حديث النبي صلى الله عليه و آله المشهور: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» الذي رواه غير واحد 2، والذي يدلّك على وجود شيء منها بين الناس، وجاء ليكمل ما بين أيديهم من مكارم الأخلاق. وأيضاً تجدر الإشارة هنا إلى حديث الإمام أبي عبد اللّٰه الصادق عليه السلام الذي رواه الحر العاملي في الوسائل، والذي ذكر فيه شيئاً من حال العرب في عباداتهم وقربهم من الحنيفية، واستدل على ذلك بشواهد عديدة منها أنهم كانوا يغتسلون من الجنابة، والاغتسال من خالص شرائع الحنيفية، وكانوا يختتنون وهو من سنن الأنبياء، وإنّ أول من فعل ذلك إبراهيم الخليل؛ وكانوا يغسلون موتاهم ويوارونهم في القبور ويلحدونهم؛ وحرّمت العرب نكاح المحارم النسبية؛ وكانوا يعظّمون بيت اللّٰه الحرام ويحجون إليه ويقولون: بيت ربّنا. . . 3.
وقد ورد في كتب التواريخ أنّ بعضاً من جميل صنعهم أقرّوه على شكل عهود ومواثيق كحلف الفضول الذي «تعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكّة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه، وكانوا على من ظلمه حتى تردّ عليه مظلمته» 4. ثم تجدّد هذا الحلف في دار عبد اللّٰه بن جدعان، قال ابن الأثير في الكامل: ثم إن قبائل من قريش تداعت إلى ذلك الحلف فتحالفوا في دار عبد اللّٰه بن جدعان لشرفه وسنّه، وكانوا بني هاشم وبني المطلب وبني أسد بن