283فَأَمْرَرْتُهَا على وَجْهِي، وَ لَقَدْ وُلِّيتُ غُسْلَهُ صلى الله عليه و آله وَ الْمَلائِكَةُ أَعْوَانِي، فَضَجَّتِ الدَّارُ وَ الأَفْنِيَةُ، مَلأٌ يَهْبِطُ وَ مَلأٌ يَعْرُجُ، وَ مَا فَارَقَتْ سَمْعِي هَيْنَمَةٌ مِنْهُمْ يُصَلُّونَ عليهِ حَتَّى وَارَيْنَاهُ فِي ضَرِيحِهِ، فَمَنْ ذَا أَحَقُّ بِهِ مِنِّي حَيّاً وَ مَيِّتاً؟ 1.
إِنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلٌ إِلَّا عَنْكَ وَ إِنَّ الْجَزَعَ لَقَبِيحٌ إِلَّا عليكَ، وَ إِنَّ الْمُصَابَ بِكَ لَجَلِيلٌ وَ إِنَّهُ قَبْلَكَ وَ بَعْدَكَ لَجَلَلٌ 2.
المشهد الثاني: الردّة إلى الجاهلية
حَتَّى إِذَا قَبَضَ اللّٰه رَسُولَهُ صلى الله عليه و آله رَجَعَ قَوْمٌ على الأَعْقَابِ، وَ غَالَتْهُمُ السُّبُلُ، وَ اتَّكَلُوا على الْوَلائِجِ، وَ وَصَلُوا غَيْرَ الرَّحِمِ، وَ هَجَرُوا السَّبَبَ الَّذِي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِهِ، وَ نَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ أَسَاسِهِ، فَبَنَوْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَةٍ، وَ أَبْوَابُ كُلِّ ضَارِبٍ فِي غَمْرَةٍ، قَدْ مَارُوا فِي الْحَيْرَةِ، وَ ذَهَلُوا فِي السَّكْرَةِ على سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، مِنْ مُنْقَطِعٍ إِلَى الدُّنْيَا رَاكِنٍ، أَوْ مُفَارِقٍ لِلدِّينِ مُبَايِنٍ 3.
المشهد الثالث: الفتنة العمياء
أَمَا وَ اللّٰه لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلانٌ وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَىٰ، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لا يَرْقَىٰ إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً، وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ، أَوْ أَصْبِرَ على طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّىٰ يَلْقَىٰ رَبَّهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ على هَاتَا أَحْجَى، فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذَىٰ وَ فِي الْحَلْقِ شَجىً أَرَىٰ تُرَاثِي نَهْباً 4.