284
المشهد الرابع: حماية وحراسة
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ اللّٰه سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَ مُهَيْمِناً على الْمُرْسَلِينَ، فَلَمَّا مَضَىٰ عليه السلام تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ، فَوَاللّٰه مَا كَانَ يُلْقَىٰ فِي رَوعِي وَ لا يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ صلى الله عليه و آله عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَ لا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ، فَمَا رَاعَنِي إِلَّا انْثِيَالُ النَّاسِ على فُلانٍ يُبَايِعُونَهُ، فَأَمْسَكْتُ يَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الإِسْلامِ، يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دَيْنِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله، فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الإِسْلامَ وَ أَهْلَهُ: أَنْ أَرَىٰ فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً، تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عليَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلايَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلائِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ السَّرَابُ أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ، فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الأَحْدَاثِ حَتَّىٰ زَاحَ الْبَاطِلُ وَ زَهَقَ، وَ اطْمَأَنَّ الدِّينُ وَ تَنَهْنَهَ 1.
المشهد الخامس: الاُمّة الجاحدة للمعروف
قالَ علي عليه السلام عِندَ دَفنِ سيدَة النِّساءِ فاطِمَة عليها السلام، كَالمُناجي به رَسُولَ اللّٰه صلى الله عليه و آله عِندَ قَبرِه: السَّلامُ عليكَ يا رَسُولَ اللّٰه، عَنّي وَ عَنِ ابنَتِكَ النّازِلَة في جِوارِكَ وَ السَّريعَة الّلِحاقِ بِكَ، قَلَّ يا رَسُولَ اللّٰه عَن صَفيّتكَ صَبري، وَ رَقَّ عَنها تَجَلُّدي، إلّاأنَّ فِي التَّأسّي لي بِعَظيمِ فُرقَتِكَ وَ فادِحِ مُصيبَتِكَ مَوضِعَ تَعَزٍّ، فَلَقَد وَسَّدتُكَ في مَلحُودَة قَبرِكَ وَ فاضَت بَينَ نَحري وَ صَدري نَفسُكَ، فَإنّا للّٰهِ وَ إنّا إلَيه راجِعُونَ، فَلَقَدِ استُرجِعَتِ الوَديعَة، وَ اُخِذَتِ الرّهينَة، أمّا حُزني فَسَرمَدٌ، وَ أمّا لَيْلِي فَمُسَهدٌ، إلى أن يختارَ اللّٰهُ لي دارَكَ الّتي أنتَ بها مُقيمٌ، وَ سَتُنَبِّئُكَ ابنَتُكَ بِتَضافُرِ اُمَّتِكَ على هضمِها، فَأحْفِها السُّؤالَ وَ استَخبِرها الحالَ، هذا، وَ لَم يطُلِ العَهدُ، وَ لَم يخلُ مِنكَ الذِّكرُ، وَ السَّلامُ عليكُما سَلامَ مَوَدِّعٍ لا قالٍ وَ لا سَئِمٍ، فَإن أنصَرِفْ فَلا عَن مَلالَة، وَ إن أقُم فَلا