20والتظاهرة الإيمانية الرائعة، التي تضم بين صفوفها أجناساً متعددة، ومذاهب وطبقات وقوميات شتى، بزيّ واحد لا يميز غنيهم عن فقيرهم ولا حاكمهم عن محكومهم ولا أبيضهم عن أسودهم. . . إنه زي موحد قطعتا قماش أبيض اللون غير مخيط يأتزر الرجل بأحدهما حول سوءته، فيما يرتدي الأخرى فوق كتفيه، حاسر الرأس في غير خيلاء ولا تكلف، مرددًا نداء واحداً:
«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك» . . إنهم جميعاً على موعد واحد، وواد واحد، وحرم واحد، وبيت واحد، ومنسك واحد. . .
إن عالمنا - كما العوالم السابقة واللاحقة - يشاهدون في كل عام في موسم الحج مشهداً رائعاً واستعراضاً عظيماً للإسلام الموحد، بعيداً عن فروقات الجنس واللون والمكانة. . . عبر صف واحد يشد بعضه بعضاً، وأسرة ربانية واحدة ترفرف عليها رحمة السماء. . وكلهم مدعوون «. . لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللّٰهِ. . .» .
منافع دنيوية ومنافع أخروية مفتوحة لهم أبوابها ينالها كل واحد منهم بقدر إخلاصه وصدقه. .
إن الحج محراب عبادة ما أعظمه! وميدان وحدة وأخوة وتعارف ومسؤولية ما أروعه! وموسم خير وتجارة ما أنفعه!