153و كان لشيوخهم«خاوة»على السلطان ، فكان يبعث بها من استنبول ، فكان يأكلها من يتولّى إمارة الحاج مع مشاركة غيره ، فأرسل أمير الحاج تلك الليلة إلى شيوخهم فأرضاهم ، و جمع البيارق التي توضع عادةً فوق الحجاج و نصبها حوله ليوهم الأعراب أن معه عسكراً كثيراً ، و سار الحاج في اليوم الثاني في ذلك المضيق بسلام ، و لم نزل نسير حتى وردنا المدينة المنورة 1.
المدينة المنورة
دخلنا المدينة المنورة يوم الأحد بعد الظهر ، وزال العناء ، واشتدّ الفرح والسرور لمّا شاهدنا القبة الخضراء الشريفة والمنائر المنيفة ؛ من جميع الحاج .
ودخلنا من باب رأينا في أعلاه مدفعين خارجين من كوتين ، ونزلنا في بستان خارج السور ، فيه دار ، وفيه نخل وبركة ماء يستقي لها على الناضح ؛ وهو ملك لبعض«الطواشية»خدام الحرم الشريف النبوي ، ويسكنه ويقوم بأعماله بعض النخاولة ، فزرنا الحضرة الشريفة النبوية ، وقلّبنا الشفاه على تلك الأعتاب الشريفة ، وفزنا بنعمة الدخول إلى الحجرة المطهرة بسبب أوراق مأخوذة من الأستانة ، تتضمّن الإذن بخدمة الحجرة المنيفة حسب المعتاد .
الدخول إلى الحجرة الشريفة
فذهبنا أولاً إلى بيت شيخ الفراشين لتقييد أوراق الرخصة عنده ، وقال لنا:
تأتون في الساعة الحادية عشرة إلى الدكّة التي في الحرم المطهّر ، حيث يجيء المحافظ وهو عثمان باشا ، فحضرنا في الوقت المضروب ، فوجدنا شيخ الفراشين هناك ، ثم جاء ضابط عثماني يحمل نياشين كثيرة ، فقال لنا شيخ الفراشين هذا خفية ؛ وهو من الشام ، فعرّفه بنا وقال له : هؤلاء من أقارب الشيخ أبي الهدى ، فقال : ما أكثر من يقرب بأبي الهدى ، ثم التفت إليّ وقال : ما اسم أقارب أبي الهدى الذين في حلب ،