154وفي موضع كذا وكذا ؟ فقال له شيخ الفراشين : وهل كل من كان أقارب أبي الهدى يلزمه معرفة جميع عشيرته وهم متفرقون في البلاد ؟! فسكت ؛ ثم جاء عثمان باشا محافظ المدينة ، وشيخ الحرم لابساً العمامة البيضاء والجبّة والقباء ، وهو رجل أبيض اللون ، أبيض اللحية ، طويل القامة ، فقام الحاضرون كلّهم وقبّلوا يده ، أما أنا فلم أقبّلها .
فجلس قليلاً ، وأذّن المؤذن لصلاة المغرب ، وكان ذلك الضابط إلى جانبي في الصف ، فقال لي: أنا في كل سنة أحج وأزور عن السلطان ، وجعل يعلّمني كيفيّة الدخول إلى الحجرة الشريفة ، فشكرته . وبعد الفراغ من صلاة المغرب ، أتونا بفرجتين بيضاوتين وأتوه بعمامة بيضاء ، أما أنا فاكتفوا بعمامتي الخضراء ؛ وهكذا كل من يريد الدخول يؤتى له بفرجية ، وهو ثوب أبيض محيط بالبدن ، يلبسه فوق ثيابه ويتعمم بعمامة بيضاء إن لم يكن متعمماً؛ فدخل محافظ المدينة لابساً الفرجية ، وخلفه المأذون لهم بالدخول ، وفي يد كل منهم شمعة صغيرة ، فيضيئها ويشعل أحد القناديل التي داخل الحجرة الشريفة ليتشرّف بالخدمة ؛ ويزور المحافظ ومن معه النبي صلى الله عليه و آله ثم صاحبيه ، ثم الزهراء ، يتلو لهم الزيارة بعض السدنة ، وهم يتابعونه .
و هذا الدخول إنما هو بين الحاجز الحديدي الدائر حول الحجرة الشريفة وبينها ، بحيث يمشي الداخل حول حائط الحجرة الشريفة ، أما نفس الحجرة فبابها مسدود ، ولا يمكن الدخول إليها ولا رؤية القبر الشريف .
مزارات المدينة
قال السيد رحمه اللّٰه : وتشرّفنا بزيارة سيد الشهداء حمزة بأحد ، وسائر الشهداء ؛ والمسافة بين المدينة المنورة وأحد نحو من فرسخ ، ولم نتمكّن من زيارة مسجد قبا ، مع أنه لا يزيد عن هذه المسافة لشدّة الخوف ، فضلاً عن مسجد الفضيخ ومشربة أم إبراهيم وغيرها ؛ لكننا تشرّفنا بزيارتهما بعد ذلك ، فذهبنا من