144بالأمارات لكي نعرف ماذا تعطينا ، فإذا أجمل الأمر عُدنا إلى الأصل ، وسيأتي ، وأمّا خبر أبيبصير فهو لا يدلّ علىٰ أن متعلّق الحكم هو الخصومة ، بل يدلّ على اشتراط وجودها ، لا كفايتها ، وفرق واضح بينهما .
الاحتمال الرابع : أن يقال : إن «لا واللّٰه وبلىٰ واللّٰه» يراد منه أبسط أنواع الحلف ، فتكون كناية عن التشدّد في إطلاق حرمة الجدال ، فكأنّه يقول : إنّ الحرام مطلق الجدال ، حتّىٰ هذا الذي فيه أبسط أنواع الحلف العابر غير المقصود .
ويدعم هذا الاحتمال أمران :
الأوّل : ما استفاض في مصادر الفقه والرواية السنّية ، وكذا بعض المصادر الحديثيّة الشيعية ، وقد أسلفنا نقل قسم منها ، من أخذ «لا واللّٰه وبلىٰ واللّٰه» أبرز أنموذج للغو اليمين ، وهو اليمين التي تقع من المتكلّم بلا قصد الحلف ، فإن ارتكاز هذا المثال ، يدلّ علىٰ أن العرف آنذاك يرىٰ مثل هذا التعبير سائداً في أوساط الناس ، وأهل السوق وغيرهم ، بحيث يصدر من المتحاورين عن غير قصد ، لشدّة شيوع استخدامه في المحاورات ، فعندما يذكر الإمام عليه السلام هذا المثال في باب الحجّ ، فهو يريد التشدّد في أمر الجدال لا التخفيف ، خلافاً لمفاد الاحتمال الثالث المتقدّم .
الثاني : ما نقله جماعة منهم ابن حجر والعظيم آبادي من أنّه نقل عن عطاء والشعبي وطاووس والحسن وأبي قلابة أن «لا واللّٰه وبلىٰ واللّٰه» لغة من لغات العرب ، لا يراد بها اليمين ، وهي من صلة الكلام 1 ، فهذا يؤكّد - رغم أنّها يمين - أنّها تحوّلت - من كثرة استعمالها - إلىٰ أداة وصل في الكلام ، ممّا يرشد إلىٰ ما ذكرناه .
وهذا الاحتمال - رغم لطافته - يواجه المشاكل عينها التي واجهها الاحتمال السابق ، فلو كان المراد مطلق الجدال فلماذا لم تحكم بذلك الرواية الثالثة التي ورد فيها : لا لعمري؟! وهكذا غيرها .
ولعلّ هذا ما يضطرّنا للذهاب إلى الاحتمال الخامس وهو :