49
شرعياً لعملهم.
قال صلى الله عليه و آله لجماعة عيّنهم: انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدموه وخربوه، ففعلوا ذلك، ولم يكتف رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بتهديمه وتخريبه، بل أمر أن يتخذ مكانه كناسة يلقى فيها الجيف والقمامة، ولم يدم عُمر هذا المسجد إلّاثلاثة أيام، وانتهى في اليوم الرابع، يقول ابن جريح: فرغوا من إتمام ذلك المسجد يوم الجمعة، فصلّوا فيه ذلك اليوم ويوم السبت والأحد، وانهار في يوم الاثنين.
«لمسجد أسس على التقوى من أول يوم»
اللام في قوله تعالى:
«لمسجد»
هي لام القسم، وقيل لام الابتداء كما تقول:
لزَيد أحسن الناس فعلاً، وهي مقتضية تأكيداً، والتقوى أي الخصال التي تتقى بها العقوبة، أي واللّٰه لمسجد أسس على التقوى، أي بني أصله وجذره ورفعت قواعده على تقوى اللّٰه تعالى وطاعته منذ أول يوم.
وإنّما تمّ هذا التفريق بين المسجدين؛ مسجد أسس على الشر والكيد والنوايا السيئة، ومسجد أسس على تقوى اللّٰه وطاعته، ليميزَ اللّٰهُ الخبيث من الطيب. وقد اختلف في هذا المسجد (مسجد التقوى) ، فذهب بعض المفسّرين إلى أنّه:
مسجد قُباء، يروى عن ابن عباس وعروة بن الزبير والضحاك والحسن، وتعلقوا بقوله:
«من أول يوم»
، ومسجد قباء كان أسس بالمدينة أول يوم، فإنّه بني قبل مسجد النبي صلى الله عليه و آله، قاله ابن عمر وابن المسيب، ومالك فيما رواه عنه ابن وهب وأشهب وابن القاسم.
ولقوله تعالى: «فيه» وضمير الظرف تقتضي الرجال المتطهرين، فهو مسجد قباء.
وأنّ الآية نزلت في أهل قباء:
«فيه رجال يحبون أن يتطهّروا واللّٰه يحب المطهرين»
فقد كانوا يستنجدون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية، وقال الشعبي: هم أهل قباء. أنزل اللّٰه فيهم هذا، وقال قتادة: لما نزلت هذه الآية، قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله