50
لأهل قباء: إنّ اللّٰه سبحانه قد أحسن عليكم الثناء في التطهر فما تصنعون؟ قالوا: إنّا نغسل أثر الغائط والبول بالماء، وهذا ما رواه أبو داود، فيما روى الدارقطني عن طلحة بن نافع أنّه قال: حدثني أبو أيوب وجابر بن عبداللّٰه وأنس بن مالك الأنصاريون عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله في هذه الآية
«فيه رجال يحبون أن يتطهروا واللّٰه يحب المطهرين»
فقال: يا معشر الأنصار إنّ اللّٰه قد أثنى عليكم خيراً في الطهور، فما طهوركم هذا؟ قالوا: يا رسول اللّٰه، نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة، فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: فهل مع ذلك من غيره؟
فقالوا: لا غير، إنّ أحدنا إذا خرج إلى الغائط أحبّ أن يستنجي بالماء، قال:
هو ذاك فعليكموه.
وقيل - كما هو المروي عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام في مجمع البيان - يحبون أن يتطهروا بالماء عن الغائط والبول، إضافة إلى ذكره كما روي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال لأهل قباء: ماذا تفعلون في طهركم فإنّ اللّٰه قد أحسن عليكم الثناء؟ قالوا:
نغسل أثر الغائط، فقال: أنزل اللّٰه فيكم
«واللّٰه يحب المطهرين»
أي المتطهرين.
فيما ذهب فريق آخر منهم إلى أنّه مسجد النبي صلى الله عليه و آله مستندين إلى ما رواه أبوسعيد الخدري كما في الترمذي، قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء؛ وقال آخر: هو مسجد النبي صلى الله عليه و آله، فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: هو مسجدي هذا.
فمن عدّ هذا الحديث صحيحاً الذي نصّ فيه النبي صلى الله عليه و آله على أنّه مسجده، قال:
فلا نظر معه، وقد روي أنه مسجد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله عن زيد بن ثابت وابن عمرو الخدري، ورد عن الرسول صلى الله عليه و آله.
فيما ذهب فريق ثالث الى أنّ المسجد الذي أسس على التقوى هو كل من مسجد المدينة ومسجد قباء، فقد روى أبو كُريب قال: حدثنا أبو أسامة، قال:
حدثنا صالح بن حيان، قال: حدثنا عبداللّٰه بن بريدة في قوله عزّ وجلّ:
«في بيوت أذن اللّٰه أن ترفع ويُذكر فيها اسمه»