48
أن حلّت الهزيمة بهم في هذه الواقعة، فمات وحيداً غريباً بقرين دون أن تتحقق أمانيه الخبيثة ضد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وأمانة السماء التي حملها بشيراً ونذيراً، ورحمةً للعالمين 1.
ثمّ إن اللّٰه تعالى بعد أن وصف هذا المسجد الذي اتخذه المنافقون بهذه الصفات أو المفاسد قال سبحانه وتعالى:
«وليحلفن إن أردنا إلّاالحسنى»
وهو ردّ طبيعي متوقع منهم، أن يحلفوا بأنهم لم يريدوا من عملهم هذا إلّا الفعلة الحسنى، وهو الرفق بالمسلمين في التوسعة على أهل الضعف والعلة والعجز، وهو ما تعللوا به حينما جاءوا إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ليطلبوا منه الصلاة في مسجدهم بأنا قد بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة الممطرة، والليلة الشاتية، وهو غطاء تستّر به المنافقون في خططهم، لكنّ الرد السماوي لم يتأخر فقد جاء بقوة
«واللّٰه يشهد إنّهم لكاذبون»
فيما ادعوه، واللّٰه يعلم حيث ضمائرهم وكذبهم فيما يحلفون عليه. وكفى لمن يشهد اللّٰه سبحانه بكذبه خزياً في الدنيا والآخرة.
«لا تقم فيه أبداً»
وهو نهي لرسول اللّٰه أن يقوم به للصلاة، وقد يعبّر عن الصلاة بالقيام، قد قامت الصلاة، ويقال: فلان يقوم الليل أي يصلّي، ومنه الحديث: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» .
وقد روي عن الحسن أنّه قال: همّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أن يذهب إلى ذلك المسجد، فنادى جبريل عليه السلام لا تقم فيه أبداً.
بعد أن طلبوا منه أن يصلي فيه ويدعو لهم بالبركة، إلّاأنّه صلى الله عليه و آله وبعد أن كشفت له السماء نواياهم وفضحت سرائرهم وما يحيكونه من وراء هذا البناء، وبعد نهي السماء أن يلبي لهم طلبهم، فيتخذوا قيامه في مسجدهم غطاء وإمضاء