143
1704م، وهي قصة فيها بعض الأخطاء والمبالغات الشائعة في الكتب المعاصرة له. ولكن الكتاب وعنوانه «وصف أمين لديانة وأخلاق المحمديين» اجتذب اهتماماً كبيراً. فقد كان بيتس من أوائل الإنجليز الذين دخلوا شبه الجزيرة العربية ووصفوا شعبها، والأماكن المقدسة فيها، وشعائر الحج في مكة، وقد زار كذلك قبر النبي صلى الله عليه و آله، ونفى كما فعل فارتيما من قبله حكاية أن القبر معلّق في الهواء، ويبدو أن هذه القصة كانت شائعة في أوروبا عن الجسد الشريف حتى أتى على نفيها أكثر من رحالة.
ويمضي بيتس في وصف قافلة الحجاج، وهو ينتقل بمعيّة سيده من القاهرة إلى السويس، ومنها إلى مرفأ صغير بين ينبع وجدة، ومن هناك استخدما الجمال للوصول إلى مكة المكرمة ودامت إقامتهما هناك شهرين، وكان بيتس يرافق معلمه كل يوم في جولة حول المدينة، ويسجّل في ذهنه صور المباني وعادات الأهالي الدينية. وكان الجهد الذي بذله لتسجيل كل هذه التفاصيل مميزاً.
ويقدم بيتس انطباعاته حول مكة المكرمة، فيقول: إنه لم يجد فيها شيئاً مثيراً أو مبهجاً. ولم يعجبه سكان مكة أيضاً، فهم فقراء ميالون إلى النحافة والهزال، ثم استرعى انتباهه «المتصوفون (الدراويش) الذين يعيشون حياة الزهد والتنسّك ويسافرون من أدنى البلاد إلى أقصاها، وهم يعيشون على صدقات الآخرين، يلبس الواحد منهم قفطاناً أبيض وقبعة طويلة بيضاء وعلى ظهر الواحد منهم جلد ضأن أو ماعز يرقد عليه، وفي يده يحمل عصا طويلة» .
ويذكر - خلال وصفه للحج ومناسكه - أن سلطان مكة يقوم شخصياً بغسل الكعبة بماء زمزم، ثم بالماء المطيّب المعطّر. «وحينما يقومون بهذه العملية ترفع السلالم التي تؤدّي إلى بيت اللّٰه، ولذلك يحتشد الناس تحت الباب ليدفع ماء الغسيل