144
عليهم حتى يتبللوا به من الرأس إلى القدم. ثم تقطع المكانس التي يكنس بها البيت قطعاً صغيرة، وترمى عليهم فيتلاقفونها، ومن يفز بقطعة منها يحتفظ بها كأثر» .
ويضيف: «إنّ مكة كان فيها ماء كثير، لكنها خالية من العشب والزرع إلا في بعض الأماكن» . على أنه وجد فيها عدّة أنواع من الفاكهة متوافرة للناس مثل العنب والبطيخ والخيار والقرع وما أشبه. وهذه يُؤتى بها في العادة من مكان يقع على مسيرة يومين أو ثلاثة ربما قصد به الطائف.
الرحلات المحضّرة بعناية
وفي عام 1807م وصل الحجاز رجل إسباني الأصل يُدعى دومنيكو باديا أي ليبليج، لينتحل اسماً ونسباً عربياً «علي بك العبّاسي» ، وقد تضاربت الآراء في حقيقة هذا الرجل، فقد يكون عميلاً للفرنسيين أو البرتغاليين أو ربّما الإنجليز.
وهناك من يذهب إلى أنه كان جاسوساً لسلطان مصر محمد علي باشا، الذي كان يجهّز لحملة على الحجاز. على كل، فإن علي بك العباسي كان أول أوروبي احتك بالناس عن قرب من موقع لم يثر حساسيتهم. وكان لادعائه النسب العباسي، وتأكيده لشريف مكة بأنه كان واحداً من عائلتهم الوجه الذي دخل به قلوب الناس.
سعى علي بك إلى توخي الدقّة في كتاباته. فهو يصف بالتفصيل الأروقة المعمدة والقباب والمآذن في المسجد الحرام، ويخبرنا عن الأماكن المبلّطة والأماكن ذات الأرض الرملية. ويميّز الأمكنة التي تخص أتباع كل مذهب من المذاهب الأربعة في أرجاء الحرم. ويأتي بعد ذلك على إيراد تفاصيل أخرى عن مناسك الحج، فيُحدّث قرّاءه عن رمي الجمرات ويشرح رمزيتها.
ولم يكتف علي بك بزيارته الأولى، فغادر دمشق عام 1818م، متجهاً إلى