142
تعبيره، مبني من اللبن المشوي، وللمسجد الحرام - أو المعبد كما يسميه - مئة باب، ثم يشير إلى وجود الكعبة الشريفة في الوسط من دون أن يذكر اسمها، ثم يصف بئر زمزم قائلاً: «إن ستة أو سبعة رجال يقفون عادة حول البئر ليستقوا الماء للناس منها. وهؤلاء يريقون ثلاثة أسطل من ماء زمزم فوق كل حاج من الحجاج، فيتبلل به من قمّة الرأس إلى أخمص القدم، ولوكان لباسه من حرير» .
ويظل القرن السادس عشر الذي كاد يطبع بصبغة برتغالية، شاهداً على محاولات أخرى، على هذا الصعيد وفي السياق نفسه. ففي يوليو 1565م حجّ إلى مكة المكرمة مملوك برتغالي الأصل مجهول الاسم. فكتب وصفاً دقيقاً عنها. رغم اختصاره واقتضاب ما جاء فيه. وقد اكتشف ماكتبه هذا المملوك في حاشية كتاب عربي موجود في مكتبة الفاتيكان برقم 217.
وفي الوقت نفسه تقريباً. وصل إلى مكة المكرمة رجل ألماني يسمى هانس وايلد كان الأتراك قد أخذوه أسيراً في هنغاريا، وسيق إلى مكة المكرمة، فلم يعد إلى ألمانيا إلّاسنة 1611م. وبعده بسنوات قليلة أسر فتىً بندقي يدعى ماركو دي لومباردو وهو يعبر البحر الأبيض المتوسط بصحبة عمّه القبطان، فبُعث به إلى مكة المكرمة من مصر مصاحباً لابن سيده. وقد دوّن أشياء طريفة عن سفرته.
أما جوزيف بيتس فهو شاب انجليزي يافع من أهالي أوكسفورد، وقصته طريفة وغير عادية. فقد كان هذا البريطاني شديد التعلّق بالبحر، وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره التحق بسفينة كانت متوجهة إلى أمريكا عام 1678م، وفي طريق العودة. على مقربة من الشواطىء الإسبانية، هاجم قراصنة جزائريون السفينة وأسروا أعضاء الطاقم ونقلوهم إلى العاصمة الجزائرية، حيث بيعوا في السوق عبيداً.
قام بيتس برفقة سيده الجزائري بالحج إلى مكة والمدينة في أواخر القرن السابع عشر. ثم تمكّن من الفرار، ونشر قصة رحلته تلك في بريطانيا سنة