91ومع ذلك كيف نتحقّق من موضوع التقية في مسألة دار فيها خلاف بين فقهاء السنّة أنفسهم؟ !
المحاولة الثانية: ما ذكره السبزواري رحمه الله في ذخيرة المعاد، وحاصله حمل أخبار المنع على الأفضلية، وقد أيّد ذلك بأن النهي غير واضح الدلالة على التحريم في روايات أهل البيت عليهم السلام وفق ما ذكره هو نفسه مراراً، ثم استقرب هذا الحمل، معتقداً أن ليس فيه عدولاً عن الظاهر 1.
ومآل هذه المحاولة إلى تقديم أخبار الجواز بدعوى التصرّف الدلالي في أخبار التحريم، إلّاأن التأمل في نصوص الحرمة يمنع - حسب الظاهر - عن الأخذ بمضمون هذه المحاولة، فقد ورد لسان التشديد في جملة روايات، فراجع صحيحة ابن المغيرة، وعبد الرحمن بن الحجاج، وإسحاق بن عمار، ومحمد بن منصور، وإسماعيل بن عبد الخالق، وصحيحة ابن المغيرة الثانية، والقاسم بن الصيقل، ولسان خبر عثمان الكلابي، وانظر مناظرة الإمام عليه السلام مع الحنفي في عدة روايات وغيرها، مما يذكر حالة العذر والمرض والشيخوخة و. . . ويحدّد التظليل للعاجز لا لزميله وغيرها من النصوص المتقدّمة بصحيحها وضعيفها، فإذا كان هذا اللسان لسان رخصة لا إلزام، يلزم القول بعدم حرمة الكثير مما قيل بحرمته قطعاً بينهم.
على أننا أشرنا - لو سلّمنا بما تقدّم - أن نصوص الجواز نفسها هي الأخرى ليست بتلك الدلالة القويّة التي تفوق نصوص التحريم حتى يقال بإعمال الحمل فيها عليها، وكثرة ورود النهي في غير التحريم في لسان الروايات لا يعني أن كلّ نهي لا دلالة فيه على التحريم حتى لوكان فيه نحو تحفظ وتحديد وبيان لموارد الرخص من العذر والكبر و. . .
وقد بالغ صاحب الحدائق 2في نقده على السبزواري بذكر عبارات قاسية في