90يتمسّك الفقهاء، بمثل هذه الألسنة لإثبات أحكام كلّية، فلماذا لا يثبت حكم كلّي في مثل هذه الرواية؟ !
فالإنصاف أن الرواية الأخيرة ظاهرة في الجواز وما قبلها مدعّم لها فيما كان فيه ولو إشعار.
وبناءً عليه تقع المعارضة بين هذه النصوص وبين ما تقدّم، وينبغي الوصول إلى سبيل لحلّ التعارض، كما سيأتي.
الجمع بين الأدلّة
وفي إطار الجمع بين الأدلّة ذكرت محاولات أهمّها:
المحاولة الأولى: ما ذكره في الجواهر والوسائل وغيرهما من حمل أخبار الجواز على التقية لكونها توافق أهل السنّة، فتبقى أدلّة الحرمة سالمة معمولاً بها 1.
والجواب: إنّ مجرّد وجود قولٍ بالجواز عند أهل السنّة لا يبرّر التقية دائماً، فإن مراجعة مصادر الفقه السنّي تؤكّد وجود خلاف في هذا الوسط نفسه أو لا أقلّ لا تجعلنا على يقين بوجود موقف موحّد ربما يتحفّظ منه الإمام عليه السلام، فقد نقل النووي في شرح المهذب الحرمة عن أحمد في رواية ومالك 2، وفي المغني والشرح الكبير لابني قدامة أن أحمد كره ذلك، وأن رواية الكراهة منقولة عن ابن عمر ومالك وعبد الرحمن بن مهدي وأهل المدينة، وكذلك سفيان بن عيينة 3، وفي فقه الجزيري أن الحنابلة منعوا منه فيما يلازم غالباً كالمحمل 4، والحرمة نقلها أيضاً عن أحمد ومالك الشيخ الطوسي في الخلاف 5، كما نقلها العلامة الحلي في التذكرة عن ابن عمر ومالك وسفيان بن عيينة وأهل المدينة وأحمد بل وأبي حنيفة أيضاً 6،