76
الرواية الرابعة: صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: «سألت أباالحسن عليه السلام عن الرجل المحرم، وكان إذا أصابته الشمس شقّ عليه وصدع فيستتر منها، فقال: هو أعلم بنفسه، إذا علم أنه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظلّ منها» 1.
وقد حاول البعض حمل النهي في الرواية على الكراهة، نتيجة مقايستها مع أدلّة حرمة الخمر والميتة
والرواية - بمفهومها الثابت عرفاً فيها - تدلّ على عدم الرخصة في الاستظلال مع إدراك المحرم لقدرته على تحمّل الشمس، بل وتدلّ بقرينة سؤال السائل على مركوزية الحكم في الذهن المتشرّعي، ولذا سأل ابن الحجاج عن الحكم في صورة الضرورة، بعد الفراغ عن مبدأ الحرمة في مورد عدمها.
وقد حاول البعض حمل النهي في الرواية على الكراهة، نتيجة مقايستها مع أدلّة حرمة الخمر والميتة و. . . ، وذلك بحجّة أن لسان تلك شديد وقاطع بخلاف هذا اللسان الأقلّ شدّة 2.
ولكنّنا لا نجد هذا الفرق، فإن الرواية تصرّح بأنه إذا علم من نفسه عدم الطاقة جاز، والمفروض أن التعرّض للشمس الصحراوية مع عدم الطاقة مما يؤدي إلى الموت أو المرض الشديد، فأي عذرٍ أكبر من
هذا في أن يجوز له الاستظلال معه؟ !
هذا علاوة على أنّه على فرض اختلاف الألسنة وكفاية الضرر العرفي هنا دونه هناك كما سنشير إلى الخلاف فيه لاحقاً، فهذا لا يدلّ على الكراهة بقدر ما يدلّ على اختلاف درجات الحرام، فإن المحرّمات متفاوتة، ولذلك كانت هناك كبائر وصغائر، ومن المؤكّد أن حرمة قتل المؤمن أعظم ولسانها أشدّ من حرمة الغيبة أو الفحش أو. . . دون أن يعني