196ويأمرهم. فإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه أو يأمر بشيء أمر به، ثمّ ينصرف» 1.
والواقع أنّ الخطابة تطوّرت بعد ظهور الإسلام، فقد اتخذها الرسول صلى الله عليه و آله أداة للدعوة إلى الدين والوعظ والإرشاد، وكانت خطابة الرسول صلى الله عليه و آله متمّمة للذكر الحكيم، ومن ثمّ كانت فرضاً مكتوباً في صلاة الجمع والأعياد ثمّ مواسم الحج 2.
وتحتفظ كتب الحديث بما اتخذه الرسول صلى الله عليه و آله من أحكام الحج وتعاليمه وسننه، التي يسير عليها المسلمون إلى اليوم. ففي صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك بن أنس، ومسند الإمام أحمد، والمسند الصحيح لمسلم بن الحجاج، والسُنن لأبي داود، وغيرها من كُتب الحديث معلومات عن فريضة الحج، وشروطه، وأركانه، وواجباته، وسننه، ومحظوراته، والهدي والأضحية، وأنواع الحج والعمرة، وهي فرائض وتعليمات وآداب مبنيّة على القرآن وسُنّة الرسول محمد صلى الله عليه و آله. وهي تصوّر أدب الحج في عهد الرسول صلى الله عليه و آله وعهد الخلفاء الراشدين وعصر الصحابة والتابعين.
وكان الخلفاء في العصر الراشدي يقيمون للناس حجّهم ويخطبون فيهم، وإذا لم يحجّوا يخطبون فيهم ويصلّون بهم في المدينة المنوّرة صلاة العيد. يقول عبداللّٰه بن عباس: «شهدت العيد مع رسول اللّٰه وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلّهم كانوا يصلّون قبل الخطبة» 3.
وفي مواسم الحج كان الخُلفاء الراشدون والولاة يخطبون في اليوم السابع من ذي الحجّة بمكّة لتعليم الحاج مناسك الحج وسننه، وذلك اقتداء بما كان يفعله الرسول صلى الله عليه و آله، فقد خطب قبل التروية بيوم في حجّة الوداع، وعندما بعث علي بن أبي طالب في العام التاسع للهجرة، قام علي قبل التروية بيوم فعلّم