14وأمّا خبر إبراهيم بن عبد الحميد، أنّه سأل الكاظم عليه السلام عن قوم قدموا المدينة فخاف أكثرهم البرد وكثرة الأيّام وأرادوا أن يأخذوا منها إلى ذات عرق، فيحرموا منها؟ فقال: «لا - وهو مغضب - من دخل المدينة فليس له أن يحرم إلّامن المدينة» 1، فمع ضعف السند محمول على الاستحباب، ويكون الغضب لإرادتهم اتباع الأسهل الأقلّ ثواباً، وتجنّب الأشقّ الأكثر ثواباً.
والعراقي إذا لم يمرّ بالعقيق بل سافر بحراً من طريق البصرة، فعليه أن يحرم من محاذاة أوّل ميقات يمرّ بحذائه، وقد كانوا يُحرمون بين جدّة وقمران عند محاذاة يلملم بحسب قول القبطان.
ثمّ لمّا لاحظ العلماء في هذا العصر الخارطة، رأوا أنّ هذه المحاذاة ليست هي المحاذاة المطلوبة؛ لأنّ المطلوبة أن يكون الميقات على اليمين أو اليسار متوجِّهاً إلى مكّة، وهنا الميقات مقابل وجهه لا عن يمينه ولا عن يساره. وإنّ المحاذاة المطلوبة تحصل في «جدّة» بالجيم أو «حدّه» بالحاء. فالعراقيّون الحاجّون بحراً لا يمرّون بميقات بلادهم ولا بما يحاذيه، بل بما يحاذي ميقات بلاد اُخرى، فيحرمون منه.
وبهذا التقرير لا يبقى محلّ للخلاف في أنّ من فرضه الإحرام من المحاذاة، هل يحرم من محاذاة أقرب المواقيت إلى مكّة، أو أبعدها عنها، أو أقربها إليه؟ فإن فرضه أن يحرم من محاذاة أوّل ميقات يمرّ به.
فالمدني يحرم من محاذاة الشجرة لا من محاذاة الجحفة، ولا العقيق، لكن لأنّه أوّل ميقات يحاذيه، وصادف أنّه أبعد المواقيت عن مكّة.
والشامي والمصري والمغربي يحرمون من محاذاة الجحفة في وجه، وصادف أنّها أقرب إلى مكّة من الشجرة، أو من محاذاة الشجرة كما مرّ.