12«الواو» بدل «من» سهواً من قلم الصدوق، أو من النسّاخ، وتصلح حينئذٍ رواية الكافي أن تكون مفسّرة لها، على أنّه يمكن أن يريد من محاذاة الشجرة والبيداء كونه بين الشجرة والبيداء، فإن ذا الحليفة، وإن كان ملاصقاً للبيداء، إلّاأنّ مسجد الشجرة الذي يجب الإحرام منه على الأقوى ليس متّصلاً بالبيداء، فالمرور بين البيداء والشجرة ممكن بأن يمرّ بآخر ذي الحليفة والبيداء، والمرور شرقي البيداء.
وزَعْمُ أنّ مسير ستّة أميال إذا كان شرقي البيداء لا يبلغ محاذاة الشجرة والبيداء، ممّا لم يقم عليه دليل، فإنّ البيداء أرض بعينها ملساء بين الحرمين معروفة، ولم يعلم أنّها واسعة كثيراً بحيث إذا سار السائر ستّة أميال من المدينة إلى شرقي البيداء لا يحاذي الشجرة.
وكيف كان، فالخبر صريح على روايتي الكافي والفقيه في أنّه يحرم إذا بعُد عن المدينة ستّة أميال سائراً من ناحية البيداء، سواء أسار في نفس البيداء أم شرقيها أم غربيها، وأنّه إذا سار تلك المسافة يكون بحذاء الشجرة، وأنّ إحرامه من ذلك المكان؛ لكونه بحذاء الميقات الذي كان عليه أن يحرم منه لو مرّ به، فلمّا لم يمرّ به كان عليه أن يحرم منه من محاذاته، فتدلّ بمفهوم العلّة أنّ كلّ من لم يمرّ بميقات عليه أن يحرم من محاذاته كما هو فتوى الأصحاب، ولا دلالة لها على التقييد بكون التياسر قليلاً؛ لصراحتها في أنّ من سار ستّة أميال من المدينة فوصل البيداء إلى أيّ موضع كان منها حاذى الشجرة، بدون تكلّف تأويل ولا تقييد، وأنّ ذلك ليس مبنيّاً على التدقيق، بل على المحاذاة العرفية التي أمرها أوسع من التدقيق، وبعد كون الروايتين رواية واحدة، لا مجال للقول بأنّه على رواية الفقيه يلزم أن يكون الخروج من المدينة على التيامن كما عرفت، ومرادنا من أنّ الفتوى في مسألة المحاذاة خاصّة بمن لم يمرّ على ميقات، هو قول الفقهاء جميعاً بعد ذكر المواقيت أنّ من لم يمرّ بميقات أحرم من المحاذاة.
والحاصل أنّه لا يبعد أن يفهم من النصّ والفتوى أنّه يجب الإحرام من