82المصادر التي تداولها هذا الفقيه أو ذاك، فكتاب مفتاح الكرامة للسيّد العاملي رحمه الله والذي يصنّف كجهد موسوعي هامّ على مستوى الفقه الشيعي لم يعتمد أكثر من ثلاثين كتاباً مع قطع النظر عن الكتب التي اعتمد عليها في مواضع قليلة. . . في تقديري فإنّ جهداً موسوعيّاً للفقه الشيعي يراعي مساحة أكبر في الاستقصاء يمكنه أن يبدّل كثيراً من الرؤية الموجودة اليوم.
وعلى كلّ حال فهذا موضوع طويل ومستقلّ يكتفى له بهذه الإشارة.
ب - إنّه من غير الواضح ما هي مبرّرات التصحيح السندي عند المتقدّمين في موردنا، فلعلّهم صحّحوا خبر ياسين الضرير لقرائن لو توفّرت لنا لم نقتنع بإفادتها صحّة الخبر.
كما أنّه ليس من الضروري أن يكون اعتمادهم على هذا الخبر قد نشأ من وثاقة الراوي عندهم حتّى يُلزم بذلك من يلتزم بحجّية خبر الثقة دون الموثوق.
ج - إنّه من المحتمل أنّهم أخذوا بخبر ياسين الضرير بملاك الرشد في خلافهم، فلاح لنا أنّهم تجاهلوا صحيحة الحلبي بلا مبرّر ممّا ضاعف عندنا من القيمة الاحتمالية لصحّة خبر ياسين. كما يحتمل أنّهم رجّحوا خبر ياسين لاشتماله على قصّة نقل المقام المؤيّدة برواياتٍ اُخرى عن أهل البيت عليهم السلام. . .
ثانياً: أنّ الرواية معارضة بخبرٍ صحيح السند وهو ما رواه محمّد بن علي الحلبي، قال: «سألت أبا عبداللّٰه عليه السلام عن الطواف خلف المقام قال: ما أحبّ ذلك وما أرى به بأساً فلا تفعله إلّاأن لا تجد منه بُدّاً» 1.
فإنّ هذه الرواية ظاهرة في كراهة تجاوز المقام في الطواف على أبعد تقدير وأنّ هذه الكراهة ساقطة في مورد الاضطرار، ولعلّ ابن الجنيد قد اعتمد عليها في الحكم بالتفصيل بين حالتي الضرورة وعدمها، لكن ظاهرها غير ذلك، بل هو سقوط الكراهة حال الاضطرار لا الشرطية؛ فإنّ صيغة النهي عن الفعل وإن وردت في كلام الإمام عليه السلام بقوله «فلا تفعله» إلّاأنّ صدر الرواية المصرّح بنفي