81الحلبي بالرغم من الصحّة السندية للرواية الثانية وضعف الاُولى، يمثّل شاهداً مهمّاً لتبرير تجاهل الضعف السندي الفنّي بجهالة ياسين الضرير وبالتالي ارتقاء هذا الخبر إلى مستوى الصحّة، إذ كيف اعتمدوا عليه وتركوا بسببه خبراً صحيحاً مع عدم اعتقادهم بصحّته؟ ! . .
غير أنّ هذا الترميم قابل للمناقشة بما حاصله:
أ - إنّ المقدار المتّضح لنا من موقف الفقهاء المتقدّمين والمقاربين لزمن الشيخ الطوسي، والذين يؤثّر موقفهم أحياناً في الحكم على نصٍّ أو حديث، ليس مقداراً قابلاً للاعتماد عليه في جبر خبرٍ ضعيفٍ؛ لأنّ هؤلاء الفقهاء هم الشيخ الطوسي وابن حمزة وابن زهرة وابن البرّاج وابن مجد، في حين يقف في قبالهم ممّن لم يذكر هذا الشرط أصلاً في واجبات الطواف كلّ من السيّد المرتضى وسلّار وأبي الصلاح والصدوق، بل ما نقل عن ابن الجنيد أيضاً، بل جملة فقهاء من تلك الحقبة لم يظهر موقفهم من أمثال الشيخ المفيد (وهو لم يتعرّض لهذا الشرط في بحث الطواف في كتابه المقنعة) والصدوق الأوّل وابن أبي عقيل والجعفي والرضي وابن حمزة الجعفري والمفيد الثاني ولد الطوسي وغيرهم، هذا فضلاً عن عشرات أو مئات العلماء من الطبقة الثانية في تلك الفترة الزمنية. . ووفقاً لذلك كيف نقول: بأن شهرةً قد انعقدت وأثّرت في تصحيح سند وصدور روايةٍ ضعيفةٍ؟ !
وهنا من الضروري الإشارة إلى نقطة كبرويّة تجري في مثل ما نحن فيه وهي ما هو المحقّق الموضوعي للمشهور؟ بمعنى أنّ الشهرة التي يجري الاعتماد عليها اليوم وقبل اليوم أيضاً هي شهرةٌ لم تضع في حساباتها سوى حوالى خمسين فقيهاً 1من فقهاء الإمامية على امتداد حوالى اثني عشر أو أحد عشر قرناً من الزمن، وتجاهلت الكثير من المجتهدين الذين صنّفوا العديد من الكتب والرسائل والذين يُعثر في مؤلّفاتهم على كثير من الآراء الاُخرى، بل إنّ المادّة التي اعتمد عليها المدّعون للشهرة هي أيضاً مادّة محدودة نسبيّاً يلاحظها المتتبّع من خلال ملاحقة