68الحرام ] تسمّى عند أهل المدينة ليلة الكنيس؛ لأنّ في صبيحتها يكنسون الحرم الشريف، ورأينا بعض الناس من عادتهم أنّ من عليه ديناً منهم، يجمع شيئاً من حبّ القمح بمقدار ما عليه من الدين، ويضعه في خرقة بيضاء ويعقدها ويرميها من داخل الحجرة الشريفة من الشبّاك المكرّم، ويقولون: إنّ ذلك سبب لقضاء ما عليهم من الدين ببركة النبيّ صلى الله عليه و آله. . .
ثمّ من عادة أهل المدينة في مثل هذا اليوم [ اليوم السابع عشر ] أنّهم بعد فراغهم من كنس الحرم الشريف، يخرجون إلى خارج المدينة، ويذهبون إلى حدائق النخيل، يتنزّهون وينبسطون في المآكل والمشارب، ويحصل لهم الانشراح والصفاء. . . فيجتمعون في مكان يقال له القُرين؛ بصيغة التصغير، وهو قريب من المدينة على نحو نصف ساعة، ويبقون هناك إلى العشيّ، ثمّ يعودون كذلك بالذكر والنشيد، وتخرج النساء والرجال والأولاد لأجل الفرجة عليهم، ويصير يوماً عظيماً. وقد خرجنا نحن وجماعتنا إلى بستان هناك قريب من بئر بضاعة، يسمّى بالفيروزية وبقينا إلى آخر النهار. . .» 1.
زيارة قبر الإمام جعفر بن محمّد الصادق
قال المؤلّف: «. . . ذهبنا مع بعض الأصحاب إلى جهة بئر بصة من جهة البقيع، وهو في داخل بستان فيه نخيل، وهناك بركة ماء واسعة بجانب ذلك [ تلك ] البئر. . . ثمّ عدنا إلى الحرم الشريف فزرنا في الطريق قبر سيّدنا جعفر الصادق رضى الله عنه، في مكان عظيم بقبّة مستقلّة، وقرأنا الفاتحة ودعونا اللّٰه تعالى، وصلّينا المغرب والعشاء في الحرم الشريف وزرنا النبيّ صلى الله عليه و سلم» 2.
إلى الميقات
خرج الشيخ النابلسي من المدينة المنوّرة يوم الأربعاء، وهو اليوم السابع والعشرون من ذي القعدة الحرام، متوجّهاً إلى مكّة المكرّمة لأداء مناسك الحجّ.
وبما أنّ في مزاجه ضعفاً وأنّ الوقت غير قابل للتحمل، فلم يحرم من ميقات ذي