155(العَمَلان) في قسم العبادات.
ثمّ إنّ الأفعال المختلفة بعضها لا ينسب إلى غير اللّٰه، كإيجاد الكائنات، وصنع المصنوعات. وبعضها لا ينسب إلى اللّٰه، كأفعال القبائح والمُنَفِّرات، وبعضها تختلف معانيها ومقاصدها، فتنسب إلى الخالق مرّة، والمخلوق أخرى. وهذا الحُكم متمشٍ على قول مَنْ لم يُثبتْ فاعلاً سوى اللّٰه، وعلى قول من أثبت.
والمعيار أنّه متى قام احتمال إرادة وجه صحيح بني عليه، لقوله صلى الله عليه و آله:
«اِدرؤا الحدود بالشبهات» ، «ولا تقل في الناس إلّاخيراً» . وما دلّ على النهي عن سوء الظنّ، فكيف بالشكّ.
وعن عائشة عن النبيّ صلى الله عليه و آله: اِدرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم 1.
فالناس إذن في صدور أمثال هذه الاُمور عنهم على أنحاء:
بين علماء عاملين، مقاصدهم صحيحة، فلا يتعمّدون بالأقوال والأفعال، إلّاالوجوه السليمة من القيل والقال.
وبين عوام جُهّال بنوا على ما بنى عليه علماؤهم على الإجمال، وليس لهم قابلية التفتيش على حقيقة الحال، فهم أيضاً معذورون عند ربِّ العزّة والجلال.
وبين من بنوا على طريق الضلال، وعليهم المؤاخذة بضروب النكال.
والتحقيق أنَّ تبدّل الأحكام بتبدّل الموضوعات، ليس من باب التشريع والإبداع، مثلاً يستحبّ للنساء التزيّن لرجالهن، فمنذ كان لبس السواد زينة استُحب، فإذا انعكس وصار الميل إلى الأحمر والأصفر انعكس الخطاب.
وألوان اللباس تختلف باختلاف الناس، ففي كلّ بلاد يستحبّ لون ونوع، فإنّه قد يكون في مكان لبس شهرة، وفي آخر بعكسه، وفي موضع من لباس النساء، وفي موضع بعكسه.
وكذا كانت رغبة الناس في طيب الكافور، فكرهه اليوم. وكذلك إكرام الضيف بالمآكل، وكذا المراكب، فيختلف الحال باختلاف الأحوال.
وكذا طريق التواضع، وتعلية البناء، ولباس الزهد.
والزهد في المأكول يختلف باختلاف