154يصنع الأعاجم. وفي الخبر ما يرشدُ إليه اختلاف الأغراض والمقاصد.
كما روي عن معاوية أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: مَنْ سرّه أن يتمثّل له الرجال قياماً، فليتبوء مقعده من النار 1.
وحديث «ولا يقوم الرجل» ، ظاهره اختصاص الجالس مجلسه، وربما ينزل ما دلّ على كراهته، كذلك على نحو كراهته لملاذ الدنيا، وزهده في القيام كزهده في مباحاتها.
فقد روى أبو سعيد الخدري أنّ سعداً جاء على حمار، فلمّا دنا من المسجد، قال النبيّ صلى الله عليه و آله للأنصار: قوموا إلى سيّدكم 2.
وعن عائشة قالت: كنت جالسةً متربّعة، فجاء النبيّ صلى الله عليه و آله فأردتُ القيام، كما هي عادتي عند دخوله ، فمنعني 3.
فإنَّ فيه دلالة على أنّ ذلك كان معتاداً لها، ولعلّ هذا المنع كان لسبب خاصّ، أو كزهد الدنيا، وكسر النفس.
وروي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه لمّا قدم جعفر مبشّراً بفتح خيبر، قام، فقال: ما أدري بأيّهما أنا أشدّ فرحاً، أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟ ! 4.
وقيام الاحتمال في هذه الأخبار لا يمنع الاستناد إليها كما لا يخفى على أُولي الأنظار، مع ما ورد في الأخبار الكثيرة من استحباب تعظيم المؤمن، ويدخل في تعظيم شعائر اللّٰه على نحو ما ورد في التفاسير المعتبرة.
وعن أبي هريرة أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان جلس معنا في المسجد يحدّثنا، فإذا قام قمنا لقيامه، حتّى نراه دخل بعض بيوت أزواجه.
وعن واثلة 5قال: قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنّ للمسلم لحقّاً إذا رآه أخوه تزحزح له، رواه البيهقي في شعب الإيمان 6.
ولعلّ هذا مبني على أنّ التواضع تختلف أقسامه باختلاف الأزمان، وكيف كان فالذي يظهر بعد التأمّل التامّ اختلاف الأقوال والأفعال باختلاف المقاصد. ومن ذلك اختلاف أحوال الزُهّاد، فبعض ترك المآكل والملابس الحسان، واقتصر على الجشب والخشن، وبعضهم يأكل من أطيب المأكول، ويلبس من أنعم الملبوس.
وباعتبار اختلاف النيّات دخل