76وتجدر الإشارة إلى أنّ حقد الحنابلة على ابن جرير الطبريّ 1له أسباب أخرى غير التي ذُكرت 2، لكن هذه الواحدة تعتبر الأكبر بين أخواتها. والحقّ أنّه لم تكن بيد الحنابلة وسيلة أنجع من هذه ولا في جعبتهم حيلة أخرى غير تلك لاتّهام الطبريّ بالتشيع.
وكتب ابن مسكويه بهذا الخصوص يقول:
«وفيها [ سنة 310 ] تُوُفّي محمّد بن جرير الطبريّ، وله نحو تسعين سنة، ودفن ليلاً، لأنّ العامة اجْتمعت و مَنَعَتْ من دفْنِه نهاراً. وادّعت عليه الرّفض، ثم ادّعت عليه الإلحاد» 3.
وقد نقل ياقوت الحمويّ كلاماً للخطيب البغداديّ حول الطّبري، منه:
«قال غير الخطيب: ودُفِنَ ليلاً خوفاً من العامّة لأنَّه كان يُتَّهم بالتشيع» 4.
ونقل ابن الجوزيّ كذلك ما قاله ثابت بن سنان عن الطبريّ جاء فيه:
«وذكر ثابت بن سنان في تأريخه: أنه إنّما أُخفيت حاله؛ لأنّ العامّة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنّهار و ادّعوا عليه الرّفض، ثم ادّعوا عليه الإلحاد» 5.
ويضيف ابن الجوزيّ أنّ السبب الآخر في اتّهام الحنابلة الطبري بالرّفض هو الفتوى التي أصدرها الطبريّ في جواز مسح القدم في الوضوء واعتباره الغسل والشطف أمراً غير ذي ضرورة، بقوله «فلهذا نُسب إلى الرّفض» 6.
وكتب ابن الأثير، مقتبساً ذلك من كلام لابن مسكويه، يقول:
«وفي هذه السنة [ 310 ] تُوُفِّيَ محمدُ بن جرير الطبري، صاحب التاريخ ببغداد، ومولده سنة أربع وعشرين ومئتين، ودفن ليلاً بداره، لأن العامّة اجتمعت، ومنعت من دفنه نهاراً، وادّعوا عليه الرّفض، ثم ادعوا عليه الإلحاد» 7.
وتجدر الإشارة إلى أنّ ابن الأثير لايوافق على استخدام لفظة (العامّة) كتعبير عن أهل السّنة، وبعد تأكيده على عدم اتيان المخالفة من قِبَل العامّة (أي أهل