77السّنة) يلقي باللّوم والتقصير على الحنابلة فيقول: «وإنّما بعض الحنابلة تعصّبُوا عليه ووقعوا فيه، فتَبِعهم غيرهم» 1.
وكتب ابن كثير أيضاً حول المواجهة التي كانت بين الحنابلة والطبريّ حيث قال:
«ودُفِنَ في داره؛ لأنّ بعض عوام الحنابلة ورعاعهم منعوا دفنه نهاراً ونسبوه إلى الرفض. . . وإنّما تقلّدوا ذلك عن أبي بكر محمد بن داود الفقيه الظاهري، حيث تكلّم فيه ويرميه بالعظائم وبالرّفض» 2.
وإذا أمعنا النّظر في عبارات ابن كثير السابقة نجده قد خلط (إن عمداً أو سهواً) بين أبيبكر عبد اللّٰه بن أبي داود السجستانيّ (ت: 316) والمتهم بكونه ناصبيّاً وبين أبيبكر محمّد بن علي بن داود الفقيه الظاهريّ 3. فالشخص الذي كان يتّهم الطبريّ بالتشيّع هو السجستانيّ - ابن السجستانيّ صاحب السّنن - والذي هو نفسه كان متّهماً بأنّه ناصبيّ، ولهذا فعندما وصل الخبر إلى الطبريّ بأنّ السجستانيّ يروي فضائل علي عليه السلام علّق على ذلك بقوله: تَكبيرةٌ من حارس 4.
ثم يُشير الذّهبي بعد ذلك إلى العداء القائم بينهما، وعن السجستانيّ بأنّه ناصبيّ، حيث ينكر هو ذلك بالطّبع 5. وخلال شرحه لحال السجستانيّ يُشير ابن النّديم إلى قيامه بتصنيف كتاب في التّفسير وكان الطّبري قد سَبقه بتأليف مُشابه 6، وهذا شاهد آخر على شدّة المنافسة بين هذين الرجلَين.
وأمّا ناصبية السجستاني فقد أدّت إلى قيام ابن فرات إلى نفيه إلى واسط وإبعاده عن بغداد إلى أن قيل عنه بأنّه بدأ يُشيع فضائل الإمام علي عليه السلام وحينئذ سمح له علي بن عيسىٰ بالرجوع إلى بغداد حتى أصبح شيخاً للحنابلة «ثم تَحَنْبَلَ، فصار شيخاً فيهم وهو مقبول عند أهل الحديث. وقد وصل الأمر بالسجستاني حدّاً مزرياً حتى قال فيه أبوه: ابني عبد اللّٰه كذّاب!» 7.
ونقل الذّهبيّ في كتابه (ميزان الاعتدال) عند ترجمته للطبريّ كلام أحد