52إنّه سرّ نجاح الإمامة، وخلفية تألّق الإمام. . . سواء كانت إمامة دعوة، أو إمامة ولاية، وسواء كانت إمامة صغرى أو كبرى. .
فسبب النجاح يبقى هو هو، وسرّ الأثر لا يتبدّل ولا يتغيّر. . . إنّه تأكيد للسنّة الإلهية الثابتة الماضية: وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّٰهِ تَبْدِيلاً تلكم هي (سنّة التغيير) التي تتجلّى في قوله تعالى: إِنَّ اللّٰهَ لَايُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ .
فمن يتصدّى للإمامة. . للقيادة. . للدعوة. . للرسالة. . للإمامة. . . لابدّ وأن يكون تمكّن من إمامة نفسه، وقيادة ذاته برسالة الإسلام، كما لابدّ وأن يكون قد أحكم قياد حياته وفق أمر اللّٰه وأمر رسوله صلى الله عليه و آله. وهذا مناط قوله عليه السلام: «فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره» .
ومن يفعل ذلك يكن ماضياً وفق السنّة الإلهية. . ومن التزم السنن الإلهية لا يضلّ ولا يشقى، وإنّما يبقى مسدّداً مهتدياً راشداً مسترشداً.
إذا لم يكن عون من اللّٰه للفتى
فأوّل ما يقضي عليه اجتهاده
فالذي يُطلّ على الناس بحال الإسلام غير الذي يطل عليهم بمقال الإسلام. .
والذي يترجم الإسلام بأعماله غير الذي يترجمه بلسانه. . وهذا مناط قوله رضى الله عنه:
«وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه» .
إنّ حالة الانفصام بين الادّعاء والواقع، وبين القول والعمل، وبين الشعار والمضمون حالة مرضية ومذمومة، وقبيحة ومقبوحة، ورذيلة ومرذولة، ويجب أن لا ترى النور ضمن الدائرة الإسلامية التي تفرض التجانس والوئام بين النظرية والتطبيق؛ ليتحقّق الفوز والفلاح في الحياة الدنيا «ومعلّم نفسه ومهذّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس ومهذّبهم» . فضلاً عن الفوز برضا اللّٰه تعالى، وذلك هو الفوز العظيم.
من هنا كان الخطاب القرآني يتهدّد ويتوعّد أولئك المصابين بداء انفصام