294سفيان والنبي صلى الله عليه و آله لا يجيب، وأصابته الحمى من هذه الصفعة الثانية فخرج على بعض مَن كان يعرف من الصحابة، فلم ير من يساعده على مهمته، أو يتكلم مع النبيّ صلى الله عليه و آله حوله.
دور عليّ عليه السلام:
الدور الأول:
وكان لابدّ لأبي سفيان - الذي يعرف مواقع القوة - من أن يلجأ الىٰ بيت عليّ حيث دخل على أمير المؤمنين عليه السلام فوجده مع زوجته وعندهما ولداهما الحسن والحسين عليهم السلام.
فقال: يا علي! أنت أمسُّ القوم بي رحماً، قد جئتُ في حاجة؛ فلا أرجعنّ كما جئتُ خائباً، اشفع لنا عند محمد صلى الله عليه و آله.
فقال علي عليه السلام: ويحك يا أبا سفيان! واللّٰه، لقد عزم رسولُ اللّٰه صلى الله عليه و آله على أمر فلا نستطيع أن نكلّمه فيه.
وأدرك أبو سفيان حراجة الموقف فالتفت الىٰ فاطمة عليها السلام قائلاً: وأنت يا بنت محمد! هل لكِ أن تأمري ابنك هذا - يعني الحسن - فيجير بين الناس، فيكون سيد العرب الىٰ آخر الدهر؟
قالت فاطمة عليها السلام: واللّٰه، ما بلغ ابني هذا أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله.
قال: يا أبا الحسن! إني أرى الأمور قد اشتدّت عليّ فانصحني.
فقال: واللّٰه، ما أعلم شيئاً يُغني عنك، ولكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك.
قال: أو ترى مغنياً عني شيئاً؟ !
قال أبو الحسن: لا واللّٰه، ما أظنّ؛ لكني لا أرى غير ذلك.
وقام أبو سفيان فأتى المسجد، قائلاً: أيها الناس! إني قد أجرتُ بين الناس،