293النبيّ صلى الله عليه و آله بما أصابهم، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم، عند ذلك رأى النبيّ صلى الله عليه و آله أن ما قامت به قريش من نقض عهده لا مقابل له إلا فتح مكّة.
وعاد وفد خزاعة فرحاً بما حظي من التأييد، وظهرت مخاوف قريش، واجتمع حكماؤها وقرروا بعث أبي سفيان لتجديد العهد، وتمديده الىٰ عشر سنوات.
أبو سفيان في المدينة:
تأهب أبو سفيان، وسار من وقته وساعته حتى وصل المدينة على وجل خصوصاً بعدما رأى بُديلاً ورفاقه على بعض المياه، وجعل وجهته ابنته أمَّ حبيبة زوجة النبيّ صلى الله عليه و آله التي تزوجها النبيُّ بعدما تركها زوجُها وتنصر في أرض الحبشة فخطبها إلى النجاشي. وعادت بعد فتح خيبر مع جعفر بن أبي طالب عليه السلام وجماعته الذين كانوا مهاجرين إلى الحبشة.
وأمُّ حبيبة كانت قد عرفت ما حدث، وعرفت ما نوى عليه النبيُّ صلى الله عليه و آله، فلم تهتم بأبيها المشرك. ولما أراد أن يجلس على فراش النبيّ صلى الله عليه و آله طوته عنه فسألها أبوها: أطوته رغبةً بأبيها عن الفراش أم رغبةً بالفراش عن أبيها؟
فكان جوابها: هذا فراش رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحبّ أن تجلس عليه. وفوجئ أبو سفيان بما لم يكن يتوقعه من ابنته التي وجهت إليه صفعةً جعلته ذليلاً مهيناً فقال لها: لقد أصابك بعدي شرٌّ، قالت: بل هداني اللّٰه تعالى للإسلام، وأنت تعبد حجراً لا يسمع ولا يبصر، وا عجباً منك وأنت سيد قريش وكبيرها! قال: أأترك ما يعبد آبائي وأتبع دين محمد؟
وخرج أبو سفيان بعد هذه الصفعة مكلوم الفؤاد مضعضع الفكر، مهزوز الجانب مهيض الجناح، لا يدري ماذا يفعل، أيرجع قبل أن يحقق شيئاً، أو يستمر في محاولة يائسة. فذهب إلى المسجد لعلّه يرى محمداً صلى الله عليه و آله ودخل على الفور يكلمه في توثيق المعاهدة وزيادة المدة، إلا أن الرسول صلى الله عليه و آله لم يرد عليه بشيء، وألح أبو