22غار حراء وقد بشّر بولادة علي راحت يده المباركة تتوسّده وتضفي عليه بركات انعكست ثمارها على حياته عليه السلام في كلّ الميادين. . .
تقول الرواية عن يزيد بن قعنب: ولدت (فاطمة بنت أسد) عليّاً. . . في بيتاللّٰه الحرام، إكراماً من اللّٰه عزّ اسمه وإجلالاً لمحلّه في التعظيم. . . ، فأحبّه رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله حبّاً شديداً وقال لها: «اجعلي مهده بقرب فراشي» ، وكان يتولى أكثر تربيته، وكان يطهّر عليّاً في وقت غسله، ويوجره اللبن عند شربه، ويحرِّك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره 1.
وهنا نعيش لحظات جميلة مع عليّ عليه السلام نفسه، وهو يصوِّر لنا منزلته من رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ويصف رعايته له وتعلّقه به وملازمته له حتّى يمكن وصفها بأنّها ملازمة الظلّ لصاحبه لا يفارقه إلّافي أوقاته المخصوصة، فتواشجت روحه مع أجواء ذلك البيت الطاهر وهي أجواء الرسالة والنبوّة والوحي، انظره في خطبة القاصعة حيث يصف تلك الملازمة والمواشجة بشكل دقيق طفلاً وصبيّاً وفتًى. .
«ولقدعلمتم موضعي من رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله بالقرابة القريبة و المنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسّني جسده ويُشمني عَرْفه، وكان يمضغ الشيء، ثمّ يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل، ولقد قرن اللّٰه به صلى الله عليه و آله من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل إثر اُمّه، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري» .
ولدتُ على الفطرة
من اللافت الذي أدهش من تتبّع حياته أنّ ولادته عليه السلام - التي كانت في الكعبة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب على قول الأكثر - كانت في اليوم الأوّل لدخول رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله غار حراء للتعبّد والمناجاة، وللتدبّر والتفكير في