174بهذا النفي «ولم يولد قبله ولا بعده في الكعبة أحد» ، وكيف يعذر وهو يعرف جيّداً تواتر خبر ولادة علي عليه السلام في الكعبة ولم يكن جاهلاً به أو غافلاً عنه. وإنّما هي «شِنشنة أعرفها من أخزم» حقّاً إنّه حقد موروث وبغض مستحكم ضد عليّ عليه السلام توارثته هذه العائلة من يوم الناكثين يقول الإمام علي عليه السلام: «وما زال الزبير منّا حتّى ولد له عبداللّٰه ابنه» . فأراد أن ينفي هذه الكرامة لعليّ عليه السلام ولم يرضَ بأن تبقى الرواية «ولادة حكيم» كما رواها غيره وإن كانت أيضاً لا تخلو من الضعف والإرسال، فأضاف عليها ما سوّلت له نفسه.
وبعد ذكر الحاكم النيسابوري لها قال: وهَمَ مصعب في الحرف الأخير.
أقول: وقد عرفت حال الرواية وما تعانيه من ضعف وانقطاع. . وقد يفهم من قول الحاكم هذا وهم، أنّ مصعباً أصاب في كلامه الأوّل حول ولادة حكيم في الكعبة، إلّاأنّ هذا نفاه الحاكم في كلام آخر له في كفاية الطالب للكنجي الشافعي.
ثمّ راح يعزّز بشكل قاطع ردّه هذا بقوله: فقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم اللّٰه وجهه في جوف الكعبة 1.
علماً بأنّ حكيم بن حزام - وكما قلنا - لم يكن شخصاً مجهولاً في الجاهلية وغير معروف في الإسلام مع هذا لم يذكر هذه الفضيلة لنفسه يوماً ولم تُذكر عنه بل ولم يذكرها أحدٌ له على الإطلاق حتّى رواها كلّ من مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير ومصعب بن عبداللّٰه. . بعد أكثر من 200 سنة أي في القرن الثالث الهجري.
إنّ أوّل كتاب ذكرت فيه ولادة حكيم هو (جمهرة النسب) لابن الكلبي، والكلبي وإن ورد فيه أنّه متروك الحديث، وأنّه غير ثقة وأنّه يروي العجائب والأخبار التي لا أصول لها 2.
إلّا أنّه ورد فيه مدح كثير، وأن مبعث ما ذكر من مطاعن واتّهامات أنّ الرجل كان شيعيّاً لا غير.