55للمجاهدين ويوزّعون البيانات في الحرم، وكُنّا نشاهد الجزائريين والفلسطينيين يلقون الخطابات الثورية هنا وهناك، وكان الكلام الذي نسمعه هناك بمثابة شيء جديد متحف لنا. وكُنت أرىٰ في ذلك الحين أنّ الحج مقرون بالسياسة. وكان يترآىٰ لي أنّ المملكة العربية السعودية لا تمانع من قيام مجاهدي البلدان الاُخرىٰ بنشاط إعلامي سياسي على أراضيها. لقد اتّخذت تلك الشعائر السياسية في الوقت الحاضر طابعاً أكثر رسمية وصارت تُعقد علىٰ شكل «مراسم البراءة» وما شاكلها.
كان يحصل أحياناً أننا نتباحث مع علماء السنّة، وكانت أكثر النقاشات وتبادل الآراء يدور حول محور المسائل الكلامية وكذلك المسائل السياسية في إطار جهاد الشعبين الفلسطيني والجزائري، على اعتبار أنّهما كانتا تمثّلان القضيّتين الأساسيّتين في العالم الإسلامي آنذاك.
والحقيقة هي أنني لم يكن لدي في السفرين الأوّلَيْن استعداد كافٍ في مجال المباحث السياسية والحكومية.
: سماحة الشيخ الهاشمي! بما أن عام 1378ه. ش [ وفقاً للتقويم الهجري الشمسي المتخذ في إيران كتقويم رسمي للبلاد ] قد أُعلن من قبل قائد الثورة باسم عام الإمام الخميني (قدّس سرّه) ، يرجىٰ من سماحتكم أن تسلّطوا الأضواء على الرؤىٰ العامّة لسماحة الإمام الخميني ونظرته إلى مختلف أبعاد الحجّ.
الشيخ الهاشمي: للإمام الخميني أقوال معروفة بشأن الحج. وقد وصف الحج ب «المؤتمر العبادي - السياسي» . هذا من ناحية، ومن ناحية أخرىٰ بما أنَّ سماحته كان يحمل نزعة تعبّدية ويميل إلى العرفان والسلوك، فهو كان يعير أهمّية كبيرة للأبعاد المعنوية لهذه الفريضة، ولا ينبغي أن يتوهّم أحد بأنّه