54الانتصار الباهر للثورة الإسلامية، ما هي التغييرات التي شاهدتموها في إقامة شعائر الحج؟
الشيخ الهاشمي: في تلك الأيام أيضاً كان الحجّاج يتّصفون بحالات روحية ومعنوية طيبة، فهذه المشاعر لا تختص بحالة الحجّاج في الوقت الحاضر. غير أن هذا السفر كان له انعكاسات أكثر في بناء الذات وتهذيب النفس بسبب المصاعب التي كانت تتخلّله. كُنّا في تلك المرحلة نعيش في أجواء التقية، وكُنّا على استعداد لتحمّل أيّ لون من ألوان الرياضة الروحية.
كانت العربية السعودية تعاني حينذاك من أزمة شديدة في المياه، وكُنّا مضطرين لشراء الماء حتّى لأغراض الغسل!
كانت القوافل تعاني صعوبة في توفير الطعام؛ إذ كان توفير الطعام في تلك الأجواء الحارة موكولاً إلى الحجّاج أنفسهم، أمّا في الوقت الحاضر فقد أُخذ بنظر الاعتبار توفير مستلزمات رفاهية خاصّة للزوّار. ويوجد في كل قافلة شخص أو عدّة أشخاص كمرشدين روحيين ينهضون بمهمّة تعليم وإرشاد الحجّاج، وتوجد هناك أيضاً برامج ثقافية وإعلامية من قبيل توزيع النشرات باللغة الفارسية للحجّاج الايرانيين.
وبعبارة أخرى: أن وضع الحج حالياً لا يمكن مقارنته بما كان عليه قبل الثورة. في تلك الأيّام كان أكثر الحجّاج يتوجّهون إلى الحج وهم يحملون مشاعر الغربة، حتّى كان يُتخيَّل بأن التقشّف والرياضة الروحية كانت جزءاً من مناسك الحجّ!
أمّا من حيث العلاقات الاجتماعية والدينية والسياسية فلم تكن الحالة المطلوبة هي الحالة السائدة في حج ما قبل الثورة. لكن الحج اتخذ طابعاً سياسياً في مقطع تاريخي تزامن مع جهاد الشعب الجزائري مثلاً. كان الجزائريون والفلسطينيون ناشطين في الحج، وكانوا يجمعون التبرّعات