212فقال ليرسولاللّٰه صلى الله عليه و آله: «ياأبا ذر، ساببتَ فلاناً؟» فقلت: نعم، قال: «فذكرتَ أُمّه؟» فقلت: من سابَّ الرجال ذُكِرَ أبوه وأمُه، فقال لي: «إنك امرؤ فيك جاهلية» قلت: على حال ساعتي من الكِبر؟ قال: «على حال ساعتك من الكبر، إنهم إخوانكم جعلهم اللّٰه تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه، وليلبسه من لباسه، ولا يكلفه ما يغلبه» .
سمع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أبا ذر يقول حِدثانَ إسلامه لابن عمّه: يا بن الأمة، فقال له صلى الله عليه و آله: «ما ذهبت عنك أعرابيتُك بعد» .
هكذا كان صلى الله عليه و آله يواكب أصحابه المخلصين ويسدّدهم ويقوّمهم؛ ويقتلع ما فيهم من آثار الجاهليّة وما تركته بيئتهم في نفوسهم والانسان ابن بيئته، ليبدلها بأخلاق إسلامية وآداب قرآنية بعيدة عن حالات التعصب التي طالما كان يقول عنها:
دعوها فإنّها نتنة دعوها فإنّها نتنة.
كرمه:
عرف عنه أنه كان كريماً كثير الإحسان رغم فقره وضعفه وقلة ما في يده، ولم يترك بعد وفاته شيئاً في بيته حتى انه لم يجدوا عنده ما يكفن به.
فمن كرمه:
- دفع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله الى أبي ذر غلاماً، فقال: «يا أبا ذر، أطعمه ممّا تأكل، واكسُه مما تلبس» .
فلم يكن عنده غير ثوب واحد، فجعله نصفين، فراح الى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فقال:
«ما شأن ثوبك يا أبا ذر؟» .
فقال: إنّ الفتى الذي دفعته اليّ أمرتني أن أطعمه مما آكل، وأكسوه مما ألبس، وإنه لم يكن معي إلّاهذا الثوب فناصفته.
فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «أحسن اليه يا أبا ذر» .