213فانطلق أبو ذر فأعتقه.
فسأله رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «مافعل فتاكَ؟» .
قال: ليس لي فتى، قد أعتقته.
قال صلى الله عليه و آله: «آَجَركَ اللّٰه يا أبا ذر» .
- يقول عطاء بن مروان: رأيت أبا ذر في نمرة (شملة فيها خطوط بيض وسود، وبردة من صوف يلبسها الأعراب) مؤتزراً بها، قائماً يصلي، فقلت: يا أبا ذر، مالك ثوب غير هذه النمرة؟ قال: لو كان لي لرأيته عليّ، قلتُ: فإني رأيت عليك منذ أيام ثوبين، فقال: يا بن أخي، أعطيتهما من هو أحوج مني اليهما، قلت: واللّٰه إنك لمحتاج إليهما، قال: اللهم غفراً، إنك لمعظم للدنيا، أليس ترى عليّ هذه البردة؟ ولي أخرى للمسجد، ولي أعنز أحلبهما، ولي أحمرة نحتمل عليها ميرتنا، وعندنا من يخدمنا ويكفينا مهنة طعامنا، فأي نعمة أفضل مما نحن فيه؟ 1مواقفه:
الذي لا يهاب الموت لا يهاب ما دونه؛ لهذا نرى أبا ذرٍّ لا يخشى بأسهم ولا يخاف طغيانهم، ولا يكترث بظلمهم، ولا يأبه بتهديهم وإنذارهم ووعيدهم. . . إنّه كان يخشى فقط وعيد السماء وإنذارها. . .
بايعني رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله خمساً، وواثقني سبعاً، وأشهد عليَّ تسعاً ألا أخاف في اللّٰه لومة لائم، وفي قول آخر له صلى الله عليه و آله: «هل لك الى بيعة ولك الجنة» ؟
قلت: نعم، وبسطت يدي فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وهو يشترط عليَّ: «أن لا تسأل الناس شيئاً» قلت: نعم، قال: «ولاسوطك إن سقط منك حتى تنزل إليه فتأخذه» 2.
فكان هذا عهده وهو الوفي به، وكانت تلك صرخاته المتتالية ضد الظالمين والمترفين عناقيدَ غضبٍ تنهال على رؤوسهم، وكان لسانه سيفاً صارماً يكشف