179«المنجد» يقول عن بيركهارت: «. . ثمّ زار مكّة وجدة متنكراً باسم الشيخ إبراهيم» (29) ، فيما اعترف ناشر كتبه الإنكليزي ويليام أوسلي، كما مرّ، بأنّ معرفة بيركهارت للعربية واطلاعه التام على أحوال المسلمين وعاداتهم قد ساعداه على تقمص دور الرجل المسلم بنجاح، حتى استطاع أن يعيش في مكّة، خلال موسم الحج كلّه، ويشترك في مناسكه وشعائره، من دون أن يثير أدنى شك بشخصيته المنتحلة (30) .
ورغم ماتعنيه الألفاظ المتقدمة مثل «متنكراً» و «تقمّص» و «شخصيته المنتحلة» . . من دلالات، بل شهادات ثبوتية، فإنّنا نترك الحكم الفيصل للبروفيسور «ادوارد سعيد» حيث يقول: «لقد هاجم مؤرخون ثقافيون محترمون، مثل ليبولد فون رانكه وجاكوب بيركهارت، الإسلام بعنف كأنهم كانوا يتعاملون لا مع تجريد من التشبيه التجسيمي، بل مع ثقافة سيا - دينية يمكن إصدار تعميمات عميقة حولها، واعتبارها مسوّغة. ففي كتابه تأريخ العالم (1881-1888) تحدّث رانكه عن الإسلام واصفاً هزيمته أمام الشعوب الجرمانية - الرومانية، وفي «شذرات تأريخية» (ملحوظات غير منشورة، 1893) . تحدّث بيركهارت عن الإسلام (كشيء) بائس عارٍ، وتافه (31) .
فأين يا ترىٰ هذه الرؤية الحاقدة عن الإسلام من ادّعاء الريحاني بأنه صديق العرب والإسلام؟ ! وأين هي شهادة العلماء المنزهين عن الأهواء. . ؟ !
ويبقى من المفيد الإشارة إلى ملاحظة المرحوم «جعفر الخياط» الخبير بكتابات الغربيين عن الإسلام والشرق، إذ يقول: «ويلاحظ من بعض مايكتبه بيركهارت في الرحلة أنه ربّما كانت لهُ علاقة بالاستخبارات البريطانية في تلك الأيام، فهو يقول:
إنّ وصول الغرباء من جميع أنحاء العالم الإسلامي، أي من تمبكتو إلى سمرقند،