175تُحاط إحداهما بالزيدية ( أي مكّة) والاُخرى بالجعفرية (أي المدينة) ، ولا تبذل أية محاولة لاجلائهم! !
ومن بين الاُسر القديمة في المدينة اُسر تنحدر بنسبها من نسل العباسيين كذلك، لكن شأنهم قد انحطّ الآن حتى أصبحوا فقراء. ويطلق عليهم «الخليفة» ، أي المنحدرون من نسل الخلفاء. . ثمّ يسهب بيركهارت في ذكر الجنسيات الأصلية التي ينتمي إليها سكّان المدينة، ويقول: إنّ الجيل الثاني أو الثالث، من السكان غير العرب، يستعربون بالتدريج، ويصبحون عرباً حتى في قسمات وجوههم. ويتطرق بعد ذلك إلى لباس المدنيين وأسلحتهم، وأحوالهم المعاشيّة والاقتصادية، وتجارتهم وأطعمتهم، وعاداتهم وطباعهم (12) .
وفي فصل خاص بحكومة المدينة يلخص بيركهارت تاريخها منذ صدر الإسلام إلى يوم وصوله تلخيصاً مختصراً جدّاً، لا نرى موجباً لنقله هنا. . (13) .
القاهرة. . نهاية المطاف
كانت ينبع آخر محطة له في الحجاز، حيث واجهه مرض الطاعون فغادرها بسرعة. وفي الرابع والعشرين من حزيران ( يونيو) 1815 عاد إلى القاهرة، بعد غياب دام سنتين ونصف السنة؛
كانت صحته عليلة، إلّاأنه لم يفقد الأمل في الذهاب إلى تمبكتو (14) ، وقد قضى سنواته الأخيرة في أعمال تعتبر لهواً وتسلية. فقد كانت لا تزال أمامه تلك الرحلة عبر الصحراء الكبرى إلى ضفاف نهر النيجر. وفي الوقت نفسه كان أعضاء الجمعية الأفريقية ينتظرون عودته إلى لندن (15) . ولمّا سأل عن القافلة جاء الجواب مخيّباً لآماله مرّة اُخرى: مجيء القافلة لم يكن متوقعاً في المستقبل القريب! عندها استقرّ ودوّن رحلاته، وأمضى شهرين في صحراء سيناء يستكشف مناطق جديدة (16) ، وذلك في ربيع عام 1817. وفي حزيران عاد إلى القاهرة، واستعدّ للمسيرة إلى