174المنحدرين من نسل الحسين شقيق الإمام الحسن عليهما السلام. ويُقال: إنهم كانوا أقوياء في المدينة سابقاً، وكانوا يأخذون لأنفسهم القسم الأكبر من واردات الحرم الشريف، فإنهم كانوا خلال القرن الثالث عشر سدنة القبر المطهر المحظوظين.
لكنهم تضاءلوا بعد ذلك، حتى أصبحوا اليوم يقتصرون على عدد محدود من الاُسر، التي لا تزال من علّية القوم في البلد وسكانه الأغنياء، وهم يشغلون حارة خاصة بهم، ويحصلون على أرباح طائلة ولا سيما من الحجاج الإيرانيين الذين يَفِدون على المدينة للزيارة. ويُفهم مّما كتب في هذه الرحلة أنّ هؤلاء من شيعة المدينة، الذين يمارسون عبادتهم على الطريقة السنّية في الظاهر، ومع هذا فيطلق عليهم «الرافضة» .
والمعروف في كلّ مكان أنّ بقايا الأنصار القدماء، وعدداً كبيراً من عرب المدينة الفلاحين الذين يفلحون البساتين والحقول من حولها هم من «الرافضة» ، أي الشيعة كذلك.
ويُسمّى هؤلاء «النخاولة» ؛ لأنهم يعيشون بين النخيل، وهم كثيرون في عددهم وشجعان في الحروب. .
ولذلك قاوموا الوهابيين حينما احتلوا المدينة مقاومة عنيفة. . ونقول إنّ المعروف في التأريخ، ولدى المطلعين من الناس، أنّ النخاولة من الفلاحين الذين كانوا يفلحون في بساتين الإمام الحسن عليه السلام، ويقول بيركهارت كذلك:
إنّ النخاولة لا يتزاوجون مع غيرهم إلّا فى النادر، ومعظمهم يجاهرون بالشيعية حينما يكونون بين نخيلهم، لكنهم يدّعون بالسنية حينما يكونون في البلد، وقد استوطن بعضهم في الضواحي فاحتكروا مهنة القصابة.
وتعيش في البادية من جهة الشرق، على مسيرة ثلاثة أيام من المدينة، قبيلة بدوية بكاملها يسمى أفرادها «بني علي» ، وهؤلاء كلّهم من الشيعة أو من معتنقي المذهب الإيراني، على حدّ تعبير بيركهارت، الذي يستغرب كيف أنّ أقدس مدينتين في الإسلام