65روى السمهودي عن مسلم عن عائشة قالت: قدمنا إلى المدينة وهي وبيّة، فاشتكى أبو بكر واشتكى بلال، فلمّا رأى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله شكوى أصحابه قال:
اللهم حبّب إلينا المدينة، كما حبّبت مكة أو أشد وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدّها، وحول حُمّٰاها إلى الجحفة (25) .
وعن أبي قتادة أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلم صلّى بأرض سعد بأصل الحرة عند بيوت السقيا ثم قال: «اللهم إنّ إبراهيم خليلك وعبدك ونبيّك دعاك لأهل مكة، وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك به إبراهيم لمكة، أدعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم، اللهم حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكة، واجعل ما بها من وباء نجم (26) .
قال السمهودي في علّة دعاء النبي بنقل الحمى إلى الجحفة: لأنّها كانت دار شرك (27) .
10 - فضل المجاورة والموت في المدينة المنورة:
وممّا يدل على قداسة هذه البلدة أن النبي صلى الله عليه و آله حرّض المسلمين على المجاورة والبقاء والموت فيها، وضمن صلى الله عليه و آله لمن مات فيها أن يكون شهيداً أو شفيعاً له في يوم القيامة.
قال صلى الله عليه و آله: من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليفعل، فإنّه من مات بها كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة (28) .
قال العباسي: ودلالة هذه الأحاديث على الحث والحض والتحريض على الإقامة بالمدينة، وطلب الفوز باستيطانها، وقصد السعادة بمجاورة مساحتها ظاهرة واضحة لائحة، فإنّها منبع فيض بحار أنوار الملة الإسلامية، ومشرق طلوع أقمار السعادة الحقيقية، والدار التي اختصّها اللّٰه لهجرة حبيبه صلى الله عليه و سلم، وظهور دينه، ومحل إعلامه بالحق، وإذعان الخلق، وأحبّ البقاع إلى اللّٰه سبحانه، وموطن أحب الخلق إلى اللّٰه، ومهبط الملائكة المقرّبين، ومنزل الروح الأمين. . . (29) .