38قال الإمام عبداللّٰه بن أسعد اليافعي في تاريخه «مِرآتُ [ مرآة ] الجِنان» :
إنّ ابن الزبير لما اكمل هدم الكعبة، كشف عن أساس ابراهيم عليه السلام، فوجد الحِجر داخل البيت، فبنى البيت علىٰ ذلك الأساس، وأدخل الحِجر في البيت، وألصق باب الكعبة الأرض ليدخُلَ الناسُ منه، وفتح له باباً غرباً في مقابلة هذا الباب ليخرج الناس منه، كما كان عليه لما جددت قريش الكعبة قبل بعثته صلى الله عليه و آله، وحضره النبي صلى الله عليه و آله وعمره الشريف يومئذ خمسٌ وعشرون سنة، وكانت النفقة قصرت بقريش لما بنوا الكعبة يومئذ، فاخرجوا الحِجر من البيت، وجعلوا عليه حائطاً قصيراً علامة علىٰ أنه من الكعبة، فأعادها ابن الزبير كما كانت زمن الجاهلية، وبنى على قواعد ابراهيم عليه السلام، فكان طول الكعبة قبل قريش تسعة اذرع، فزادت قريش عليه تسعة اذرع، فلما بناها ابن الزبير كان طولها ثمانية عشر ذراعاً، فرآها عريضة لا طول لها، فزاد في طولها تسعة اذرع، فكان لها في السماء سبعة وعشرين [ عشرون ] ذراعاً، فلّما فرِغ من بنائها طيَّبها بالمِسك والعنبر، وكساها بالديباج، وبقيت من الحجارة بقية فرشها حول البيت نحواً من عشرة أذرع، وكان فراغه مِنعمارة البيت الشريف سابع عشر شهر رجب سنة 64 مِنَ الهجرة» 1انتهى.
ثمّ إنّ عبدالملك بن مروان لمّا ولى الخلافة جهز جيشاً كثيفاً على ابن الزبير، وأمَّر عليهم الحَجّاج بن يوسف الثقفي فحاصره ورمى عليه بالمنجنيق، وخذل ابن الزبير أصحابه فخرج وحده وقاتل قتالاً شديداً إلىٰ أن قتل سنة 73 من الهجرة.
وفي سنة 74 من الهجرة كتب الحجاج إلىٰ عبدالملك بن مروان يذكر له أنّ عبداللّٰه بن الزبير زاد في الكعبة ما ليس فيها، واحدث باباً آخر، فكتب إليه عبدالملك بن مروان، أعِدها على ما كانت في عهد رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فهدم الحجاج مِنجانبها الشامي قدر ستة أذرعٍ وشبراً وبنى الجدار علىٰ أساس قريش، ولبَّس أرضها بالحجارة التي فضلت، ورَفع الباب الشرقي وسدّ الباب الغربي وترك