210لقد أعطيتم الاُجرة إلىٰ محمد الكائني 1وليس لنا. ورأيت الوضع سيّئاً، فقلتُ لرجالنا: اِرجعوا إلى المدينة إلى الوالي هناك وأنهوا المسألة مع الحكومة، واللّعنة علىٰ هؤلاء، سأذهب معَ حُجّاج جَبَل. سأعطي هذا الوصل إلىٰ والي المدينة ليأخذ النقود من الشريف. فلمّا رأىٰ أولئك أنّ هذه الأرض لا تقبلُ بذرهم، ولا مكان لحيلهم ومكائدهم، جاءوا يتوسّلون، فذهب كلّ الحجّاج الشيرازيين و «نصير المُلك» والآخرون جميعاً، فظلّت جِمالُ الشريف هذه التي أكراها لنا. وبعد المسير اشتدَّ نزول المطر، وأثناء سيرنا، صادفنا نهراً أمامنا، ولم يكن باستطاعة الجمال عبوره. فغيّرنا الطريق، ومعنا أحد الاشخاص يدعىٰ (كامل أفندي) ، وهو يقول:
إنني لستُ خادماً لإيران بل إنَّ القنصل ترجىٰ مني أن اُرافِق الحجّاج. إنّه رجل شاطر ولبيب. ولما غيّرنا مسيرنا قليلاً، صادفنا مجرىٰ نهر آخر قد تكون من أثر الفيضان. لا مناص من عبور النهر، مع أنَّ المياه تكاد تجرف معها الجمال. ومع مشقة وعناء كبيرين اِجتزنا النهر، وحتىٰ ساعة ونصف بقي من الوقت للغروب، كان الرّعد والبرق لا يزالان يقصفان، وكان الهواء كذلك ضَبابيّاً، ثم طلعتِ الشّمس، أقمنا صلاة الظهر والعصر ثم ركبنا. بحمد اللّٰه تعالىٰ وصلنا المنزل بسلام مع أنَّ عددنا كان قليلاً، أي نحن وخدَمُنا وسط هذه الصحراء والجبال. ولما وصلنا (قبة الرود) ، كانت قد مضت من الليل ثماني ساعات. بعد الوصول ونَصب الخيام، جاءت عيال عبدالحسين خان قائد اللّواء للاعتذار قائلة: إننا لم نكن نعلم.
فأجبتُها قائلة: بحمد اللّٰه سار كلُ شيء بسلام، لكن ما كنتُ أعلم أنّ شخصاً مثل نصير الملك إلىٰ هذا الحد يكون مقصّراً، حيث يترك العسكر ويذهب تاركاً القافلة دون أن يكلّف فيها حتى أربعة مسلّحين ليكونوا برفقتها، فيبعث قائلاً: إن شاء اللّٰه ينتهي هذا الأمر بخير.
مضت خمس ساعات من يوم الخميس العشرين من محرّم الحرام تحرّكنا من منزل (قبّة الرود) ، ومع أنَّ السماء غائمة، إلّاأنّه لا يوجد مطر، وبعض الأماكن