209الساعة الرابعة. والعجب أنَّ هؤلاء الاشخاص الذين لا يتورّعون ولا يحتاطون من أيّ شكل من أشكال النجاسة، لكننا نرى معزهم متروكة وسائبة في الأزّقة، وفي الليل تذهب هذه الحيوانات إلىٰ بيت مالكها دون أن يفكّر أحد في سرقتها.
السّير نحو جدّة:
لقد تقررَّ أن يحرّك الشريف الحجاج القادمين عن طريق البحر يوم الثلاثاء.
فحُملت الأمتعة ثم توقّفت العملية. وصباح يوم الاربعاء السابع عشر من محرّم الحرام، وبعد مضيّ خمس ساعات على القافلة، تحركن من المدينة المنورة وبعد مشقّة وعناء كبيرين استطعنا اجتياز الأزقّة والأسواق. وكانوا يوقفوننا في كلّ تحرّك مطالبين بالإتاوة. علىٰ أي حال خرجنا من المدينة، وتوقّفنا خارجها لكي يلحق الحجّاج بعضهم ببعض.
ليلة الاربعاء الثامن عشر من الشهر وهي الليلة الأولىٰ من ليالي منتصف الشتاء توقفنا خارج المدينة. وفي الواقع الجوّ هنا يشبه جوّ الربيع وهو مُنعش كثيراً. إنَّ صحراء وجبال المدينة شبيهتان بالجنّة، نسأله تعالى أن يمنّ علينا مرّة أخرىٰ بأن نأتي ونتشّرف بتقبيل عتبة ضريح هؤلاء الأعاظم بحقّ أولئك الاشراف المدفونين في هذه البقعة. إنَّ قُبْلة واحدة على العتبة الشريفة أنستنا كلّ مصاعِب الطريق والجمّالين السود.
صباح الأربعاء، ركبنا من خارج البّوابة، كان الهواء متغيّراً قليلاً. وبعد مضي قليل من الوقت، بدأت السّماء تمطر. وأمّا السادة الأشراف الذين كان أهل الحاج قد أكروا منهم الجِمال. فقد ذكروا أنّهم لم يصلهم شيء من السيد حسام السلطنة، ولم يدفعوا نصف الاُجرة ورحلوا عن طريق الشام، وعلىٰ هذا قالوا: إنّنا سنمنع هذه الأميرة من الرحيل، وسنحتجزهم في المطر حتىٰ نأخذ مئة تومان. فجاءوا ومنعونا من السّير فقيل لهم: لِمَ تمنعونا من السير؟ فأجابوا قائلين: يُريدون اِتاوة.
فقال رجالنا: لقد دفعنا كامل الأجرة، وأعطينا خلْعَة كذلك. فأجاب المؤجرون: